رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه وهم يطوفون بالبيت، وعبد اللَّه بن رواحة بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يرتجز متوشحًا بالسيف يقول:

خَلُّوا بني الكفار عن سبيله قد أنزل الرحمن في تنزيله
في صُحُفٍ تُتلى على رسوله يا رب إني مؤمن بقِيله
إني رأيت الحق في قَبوله اليوم نَضْرِبْكُمْ على تأويله
ضَرْبًا يُزيل الهامَ عن مقيلِه ويُذْهل الخليل عن خليله
قال: وتغيَّبَ رجال من المشركين كراهية أن ينظروا إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حَنَقًا وغيظًا، فأقام رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمكة ثلاثًا) (١).
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن أنس: [أنَّ النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- دخل مكة في عمرة القضاء، وعبد اللَّه بن رواحة بين يديه يمشي وهو يقول:
خلّوا بني الكفار عن سبيله اليوم نضربكم على تنزيله
ضَرْبًا يزيل الهام عن مقيله ويُذهل الخليل عن خليله
فقال له عمر: يا ابن رواحة، بين يدي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وفي حرم اللَّه تقول الشعر؟ فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: خَلِّ عنْه يا عُمَرُ فلهي أسْرَعُ فيهم من نضح النَّبْل] (٢).
ومضى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بأصحابه يرمل بهم حتى أتمّ ثلاثة أشواط من الطواف لها رهبة وهيبة، وحقق ما أراد من إظهار القوة حتى اكتأب المشركون، ثم تابع الأشواط ماشيًا.
روى مسلم في صحيحه عن ابن عباس قال: [فقال المشركون: هؤلاء الذين زعمتم أن الحمّى قد وهنتهم؟ ! هؤلاء أجلدُ من كذا وكذا] (٣).
ولما انتهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- من الطواف سعى بين الصفا والمروة، فكانت حركته ضمن موكب أصحابه تنزل على نفوس المشركين كوقع الحديد.
يروي البخاري في صحيحه عن ابن عباس قال: [إنما سعى النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبيت وبين الصفا والمروة لِيُريَ المشركين قوته] (٤).
(١) انظر: "زاد المعاد" (٣/ ٣٧١)، وسيرة ابن هشام (٢/ ٣٧١) مرسلًا.
(٢) أخرجه الترمذي في الأدب (٢٨٤٧) وقال: حسن صحيح غريب. وله شواهد كثيرة تقويه.
(٣) حديث صحيح. رواه مسلم (١٢٦٦) ح (٢٤٠)، كتاب الحج، باب استحباب استلام الركنين اليمانيين في الطواف، دون الركنين الآخرين.
(٤) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٣/ ٣٧٦)، وكذلك (٧/ ٣٩٢).


الصفحة التالية
Icon