عليم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغواية، حكيم في أقواله وأفعاله، وشرعه وقدره).
٩ - ١٠. قوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٩) إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (١٠)﴾.
في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى عباده المبادرة بالإصلاح بين المسلمين الباغين بعضهم على بعض، والأخذ على يد المخطئ منهم حتى يفيء إلى أمر اللَّه واللَّه يحب المقسطين، ويحب المؤمنين أن يكونوا إخوة متسامحين متراحمين.
فقوله تعالى: ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾.
أخرج البخاري ومسلم وأحمد عن أنس رضي اللَّه عنه قال: [قيل للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: لو أتَيْتَ عَبْدَ اللَّه بنَ أُبيٍّ، فانطَلَقَ إليه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورَكِبَ حمارًا فانطلق المسلمون يمشون معه -وهي أرض سَبِخَةٌ- فلما أتاه النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: إليك عني، واللَّه لقد آذاني نتنُ حمارِكَ، فقال رجل من الأنصار مِنهم: واللَّه لحِمارُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أطْيَبُ ريحًا منكَ، فَغَضِبَ لعبد اللَّه رَجُلٌ من قَوْمِهِ فشتما (١) فغضِبَ لِكُلِّ واحد منهما أصحابُهُ، فكانَ بينهما ضَرْبٌ بالجريد والنِّعال والأيدي، فبلغنا أنها نزلت ﴿وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا﴾ [الحجرات: ٩]] (٢).
وروى البخاري عن أم كلثوِم بنت عقبة أنها سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [ليس الكذَّابُ الذي يُصلح بين الناس فَيَنْمي خيرًا أو يقولُ خيرًا] (٣).
وقد جاء فضل الإصلاح بين المسلمين في أحاديث كثيرة، منها:

(١) أي شتم كل واحد منهما الآخر، وفي رواية في غير الصحيحين (فشتمه).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٦٩١) - كتاب الصلح، وأخرجه مسلم (١٧٩٩)، وأحمد (٣/ ١٥٧)، (٣/ ٢١٩)، وأخرجه أبو يعلى (٤٠٨٣).
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٢٦٩٢) - كتاب الصلح. باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس.


الصفحة التالية
Icon