بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ٩. قوله تعالى: ﴿حم (١) تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٢) غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (٣) مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ (٤) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزَابُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (٥) وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦) الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (٧) رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٨) وَقِهِمُ السَّيِّئَاتِ وَمَنْ تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٩)﴾.
في هذه الآيات: إن هذا القرآن المعجز هو من جنس هذه الحروف العربية، فهو تنزيل من اللَّه العزيز في انتقامه من أعدائه، العليم بما يعملون في السر والخفاء أو علانية وجهارًا تحت سمائه، وهو الغفور يقبل التوبة عن عباده، الشديد العقاب لِمَنْ تمادى في طغيانه وعناده، وهو المتفَضِّلُ صاحب الفضل والنعم المبسوطة على مَنْ شاء من خلقه، المتطوِّل عليهم بما لا يقدرون ولا يطيقون القيام بشكره، من الفضل والمنِّ والإنعام، وتذليل الدنيا وجميل الأيام. إنه ما يَدْفَعُ الحق من عباده بعد البرهان، إلا الجاحدون الذين يتقلبون في البلاد بالكفر والطغيان، وَحُبِّ الرياسة والكبر والعلو بالظلم على الأنام، فقد كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من الأمم بعدهم، ممّن أهمَّتهم دنياهم وتعظيم شهواتهم، وبغوا وتمادوا حتى همّت كل أمة بقتل رسولهم،


الصفحة التالية
Icon