لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم). وقال قتادة: (ما تأكل الأرض منهم إذا ماتوا).
والمقصود: أنَّ اللَّه تعالى قد علم ما تأكل الأرض من لحومهم وعظامهم في قبورهم، وكيف تتفرق أبدانهم كل ساعة حتى يبعثهم.
وقوله: ﴿وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ﴾. قال الضحاك: (ما أكلت الأرض منهم ونحن عالمون به، وهم عندي مع علمي فيهم في كتاب حفيظ). وقال أبو السعود: (أي حافظ لتفاصيل الأشياء كلها، أو محفوظ من التغيّر). وفيه تأكيد لعلمه تعالى بدقائق الأشياء وثبوتها في اللوح المحفوظ عنده.
وقوله: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ﴾. أي: بل كذبوا بما هو أكبر من ذلك، النبوّة والقرآن العظيم المعجز. قال الزمخشري: (إضراب أتبع الإضراب الأول، للدلالة على أنهم جاؤوا بما هو أفظع من تعجبهم، وهو التكذيب بالحق، الذي هو النبوّة الثابتة بالمعجزات، في أول وهلة من غير تفكّر ولا تدبّر. وكونه أفظع، للتصريح بالتكذيب من غير تدبر بعد التعجب منه).
وقوله: ﴿فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾. قال ابن عباس: (المريج: الشيء المنكر).
أو قال: (يقول: مختلف). وفي رواية: (هم في أمر ضلالة). وقال سعيد بن جبير: (ملتبس). وقال قتادة: (ملتبس عليه أمره).
فالمعنى: فهم في أمر مختلف مضطرب ملتبس منكر عليهم خلاله ونعوته.
٦ - ١١. قوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ (٦) وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٧) تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (٨) وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (٩) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (١٠) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (١١)﴾.
في هذه الآيات: تنبيهُ المشركين إلى آيات اللَّه البديعة الدالة على قدرته العجيبة، كخلق السماء والكواكب، ومَدّ الأرض وإرساء الجبال، وخلق الأزواج من النبات،