وإنزال الماء المبارك وإنبات الجنات والحبّ والنخل الباسقات، وإحياء الأرض الميتة وكذلك الخروج للحشر بعد الممات.
فقوله تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾.
أي: أفلم ينظر مكذبو البعث إلى السماء فوقهم كيف أُحكم بناؤها وُزينت بالكواكب والنجوم ومالها من صدوع ولا فتوق. قال مجاهد: (﴿وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ﴾ يعني من شقوق). وقال غيره: (فُتوق). وقال غيره: (صُدوع). والمعنى متقارب. والآية كقوله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ﴾ [الملك: ٣].
وقوله: ﴿وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا﴾. أي: بسطناها ودحوناها. ﴿وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ﴾، وهي الجبال. جعلها اللَّه ثوابت رست في الأرض لئلا تميد بأهلها وتضطرب.
وقوله: ﴿وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ﴾. قال ابن زيد: (هو الحسن المنظر).
والمقصود: وأنبت اللَّه في الأرض من كل صنف من أصناف النبات والزروع والثمار ما يسر الناظرين.
وقوله تعالى: ﴿تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾. قال قتادة: (﴿تَبْصِرَةً﴾: نعمة من اللَّه يبصرها العباد ﴿وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ أي مقبل بقلبه إلى اللَّه).
وقال مجاهد: (﴿تَبْصِرَةً﴾: بصيرة، ﴿لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ﴾ قال: مجيب).
وقوله تعالى: ﴿وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ﴾.
أي: وأنزل اللَّه من السماء مطرًا مباركًا فأنبت به سبحانه بساتين وحدائق والزرع المتصف بالحب المستفاد بادخاره. قال قتادة: (﴿وَحَبَّ الْحَصِيدِ﴾ هذا البرّ والشعير). وقال مجاهد: (الحنطة). قال القرطبي: (التقدير: وحبّ النبت الحصيد وهو كل ما يحصد. وقيل: كل حبِّ يُحْصَد ويُدّخر ويُقْتات).
وقوله تعالى: ﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ﴾. باسقات: حال، والباسقات: الطوال. قال ابن عباس: (﴿وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ﴾ قال: النخل الطوال، ﴿لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ﴾ يقول: بعضه على بعض).
والمقصود: وأنبت اللَّه بالماء النخل طوالًا شاهقات ﴿لَهَا طَلْعٌ﴾ -وهو أول ما يخرج من ثمر النخل- متراكب قد نُضِّد بعضه على بعض في شكل بديع.


الصفحة التالية
Icon