وقوله: ﴿الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ﴾. أي أشرك باللَّه فعبد معه غيره.
وقوله: ﴿فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ﴾. تأكيد للأمر الأول.
أخرج الترمذي بسند صحيح عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يَخْرُجُ عُنُقٌ من النار يوم القيامة له عَيْنان تُبْصِران، وأُذُنان تَسْمعان، ولسانٌ ينطِقُ، يقول: إني وُكِّلْتُ بثلاثة: بكل جَبّارٍ عنيد، وبكل مَنْ دعا مع اللَّه إلهًا آخر، وبالمصوِّرين] (١).
وقوله: ﴿قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ﴾. قال ابن عباس: (قرينه شيطانه).
وقال مجاهد: (الشيطان قُيّضَ به). وقال ابن زيد: (قال قرينه من الجن: ربنا ما أطغيته، تبرأ منه).
والمقصود: يتبرأ شيطان الكافر يوم القيامة من أن يكون هو الذي أضلّه.
وقوله: ﴿وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ﴾. قال النسفي: (أي ما أوقعته في الطغيان ولكنه طغى واختار الضلالة على الهدى).
والآية تشبه الآية الأخرى في سورة إبراهيم: ﴿وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [إبراهيم: ٢٢].
فالشيطان يعد بالفقر ويأمر بالفحشاء والمنكر ويوسوس للعبد حتى يقع في الإثم ثم يتبرأ منه يوم القيامة.
أخرج ابن حبان في صحيحه من حديث أبي موسى، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إذا أصبح إبليس بثَّ جنوده، فيقول: مَنْ أضَلَّ اليوم مسلمًا ألبسته التاج، فيخرج هذا فيقول: لم أزل به حتى طلق امرأته فيقول: أوشك أن يتزوج. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى عقَّ والديه فيقول: يوشك أن يبرَّهما. ويجيء هذا فيقول: لم أزل به حتى أشرك،