وقوله: ﴿ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ﴾. قال قتادة: (خلدوا واللَّه، فلا يموتون، وأقاموا فلا يظعنون، وَنَعِمُوا فلا يبأسون).
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يُنادي مُنَادٍ: إنَّ لكم أن تَصِحُّوا فلا تَسْقَمُوا أبدًا، وإنَّ لكم أن تَحْيَوا فلا تموتوا أَبَدًا، وإنَّ لكم أن تَشِبُّوا فلا تَهْرموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تَنْعموا فلا تَبْأسوا أبدًا] (١).
وقوله: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا﴾. أي: من ألوان الملذات وأصناف المسرّات، فمهما طلبوا وجدوا، ومهما خطر في بالهم أحضر بين أيديهم.
وفي جامع الترمذي بسند صحيح عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [المؤمِنُ إذا اشتهى الولَدَ في الجنة، كان حَمْلُهُ وَوَضْعُهُ وسنُّهُ في ساعةٍ كما يشتهي] (٢).
وقوله: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾. قال النسفي: (على ما يشتهون، والجمهور على أنه رؤية اللَّه تعالى). وقال القرطبي: ﴿لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ﴾ مِنْ النعم مما لم يخطر على بالهم).
٣٦ - ٤٠. قوله تعالى: ﴿وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشًا فَنَقَّبُوا فِي الْبِلَادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ (٣٦) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (٣٧) وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ (٣٩) وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ (٤٠)﴾.
في هذه الآيات: تنبيه كفار قريش إلى مصير الأمم قبلهم ممن أسرف وكذّب، وإثبات اللَّه تعالى خلقه السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام دون تعب أو نصب. وتوجيهه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى الصبر والتسبيح والسجود أطراف النهار وآناء الليل فهو خير له وأطيب.
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٠٧٧)، أبواب صفة الجنة. ورواه ابن ماجة في السنن (٤٣٣٨)، والدارمي (٢/ ٣٣٧)، وأبو يعلى (١٠٥١).