وقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ﴾.
قال ابن عباس: (وما مسنا من نصب). وقال سفيان: (من سآمة).
واللغوب: التعب والإعياء، والآية في تقرير المعاد وإثبات إحياء الموتى وبعثهم بطريق الأولى، كما قال تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [الأحقاف: ٣٣].
وقوله: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾. قال النسفي: (أي على ما يقول اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه، أو على ما يقول المشركون في أمر البعث، فإن من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منهم).
وقوله: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾.
قال ابن زيد: (قبل طلوع الشمس: الصبح، وقبل الغروب: العصر).
أخرج البخاري في صحيحه عن جرير قال: [كنّا مع النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فنظر إلى القمر ليلة -يعني البَدْرَ- فقال: إنكم سَتَرَون رَبَّكم كما تَرَوْنَ هذا القَمَر، لا تُضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا. ثم قرأ: ﴿وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ﴾] (١).
قال ابن كثير: (وكانت الصلاة المفروضة قبل الإسراء، ثنتان قبل طلوع الشمس في وقت الفجر وقبل الغروب في وقت العصر، وقيامُ الليل كان واجبًا على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعلى أمته حَوْلًا، ثُمَّ نُسِخَ في حَقِّ الأمَّةِ وجوبُه. ثم بعد ذلك نسخَ اللَّه تعالى ذلك كُلَّه ليلةَ الإسراء بخمس صلوات، ولكن منهن صلاةُ الصبحِ والعصر، فهما قبل طلوعِ الشمس وقبل الغروب).
قلت: والمقصود تسلية اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقاه من تكذيب المشركين، ليستعين باللَّه عليهم بالتسبيح في هذين الوقتين الكبيرين، فإنهما وقتان ينشغل عنهما كثير من الناس ويغفلون عن أهميتهما.