بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١ - ١٤. قوله تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا (١) فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا (٢) فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا (٣) فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا (٤) إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ (٦) وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ (٧) إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ (٨) يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ (٩) قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ (١٠) الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ سَاهُونَ (١١) يَسْأَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ (١٢) يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤)﴾.
في هذه الآيات: قَسَمٌ من اللَّه تعالى بالرياح والسحب والسفن والملائكة على وقوع المعاد، ومشهد الحساب. وقَسَمٌ منه تعالى بالسماء المحبوكة الأخّاذة أن المشركين في مذاهب شتى من الهوى والضلال والآثام، مصروفون عن الحق واليقين والإيمان، ملعونون في تكذيبهم بيوم الدين، وقريبًا يكونون أمام نار جهنم يفتنون، ويقال لهم تقريعًا: هذا الذي كنتم به تستعجلون.
فقوله تعالى: ﴿وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا﴾. قال مجاهد: (الرياح). أي: والرياح التي تذرو التراب ذروًا. وعن خالد بن عُرعرة قال: (قام رجل إلى علي رضي اللَّه عنه فقال: "ما الذاريات ذروًا"؟ فقال: هي الريح). رواه بسنده ابن جرير.
وقوله تعالى: ﴿فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا﴾. الوِقْر: كالحمل وزنًا ومعنى. والمقصود: السحب التي تحمل وقرها من الماء. قال القاسمي: (﴿فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا﴾ أي السحب الحاملة للأمطار المنبتة للزروع والأشجار لإفادة الحبوب والثمار).
وقوله تعالى: ﴿فَالْجَارِيَاتِ يُسْرًا﴾. قال مجاهد: (السفن). أي: فالسفن التي تجري في البحار جريًا سهلًا يسيرًا.
وقوله تعالى: ﴿فَالْمُقَسِّمَاتِ أَمْرًا﴾. قال مجاهد: (الملائكة ينزلها بأمره على من يشاء). قال النسفي: (أقسم بالرياح فبالسحاب التي تسوقه فبالفلك التي تجريها بهبوبها


الصفحة التالية
Icon