فبالملائكة التي تقسم الأرزاق بإذن اللَّه من الأمطار وتجارات البحر ومنافعها).
فهذه الآيات قسم من اللَّه تعالى على وقوع المعاد، ويؤكد ذلك الآيات التي تليها.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ﴾. جواب القسم، و ﴿ما﴾ موصولة أو مصدرية، والموعود البعث. أي إن أمر البعث بعد الموت للحساب والجزاء لخبر صدق.
وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾. الدين: الجزاء. قال مجاهد: (الحساب). وقال قتادة: (﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ (٥) وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ﴾ وذلك يوم القيامة، يوم يُدان الناس فيه بأعمالهم). أي: إن ذلك الحساب والجزاء كائن يوم القيامة لا محالة.
أخرج الحاكم بسند صحيح عن معاذ بن جبل مرفوعًا: [تعلمون المعادَ إلى اللَّه، ثم إلى الجنة أو إلى النار، وإقامةٌ لا ظعنَ فيه، وخلودٌ لا موت، في أجسادٍ لا تموت] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾. الحبيكة في كلام العرب الطريقة في الرّمل ونحوه، وجمع الحِباك "حُبُك". قال الفرَّاء: (الحُبُك: تَكَسُّر كل شيء كالرَّمل إذا مرت به الريح الساكنة، والماء القائم إذا مرّت به الريح). قال الحسن: (﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ﴾: حبكت بالخلق الحسن، حبكت بالنجوم). وقال سعيد بن جبير: (ذات الزينة). وعن ابن عباس: (ذات البهاء والجمال والحُسن والاستواء).
قال ابن كثير: (فإنها من حُسنها مرتفعةٌ شفَّافَةٌ صفيقةٌ، شديدةُ البناء، مُتَّسِعة الأرجاء، أنيقَةُ البَهاء، مُكَلَّلةٌ بالنجوم الثوابت والسيَّارات، مُوَشَّحَةٌ بالشمس والقمر والكواكب الزاهرات).
وقال بعض علماء الفلك: (الحبك جمع حبيكة، بمعنى محبوكة، أي: مربوطة. فمعنى ﴿ذَاتِ الْحُبُكِ﴾ ذات المجاميع من الكواكب المربوط بعضها ببعض بحبال من الجاذبية، فإن كل حبيكة مجموعة من الكواكب المتجاذبة. فالآية الشريفة نص على تعدّد المجاميع وعلى الجاذبية التي يزعم الإفرنج أنهم مكتشفوها. وعليه، فهي إحدى معجزات القرآن العلمية).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ﴾. قال قتادة: (مصدق بهذا القرآن ومكذب).