والجهاد يقلل الرزق أو يفوت الفرص، بل هو المطلوب أولًا قبل أمور الدنيا.
ومن كنوز السنة الصحيحة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: يروي الإمام أحمد في المسند، والترمذي في السنن، بسند صحيح عن عمر رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [لو أنكم توكلون على اللَّه تعالى حق توكله، لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصًا وتروح بطانًا] (١).
الحديث الثاني: أخرج الترمذي في الجامع بسند صحيح عن أبي هريرة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إن اللَّه تعالى يقول: يا ابن آدم تَفَرَّغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسُدَّ فقرك، وإن لا تفعل ملأت يديك شغلًا ولم أَسُدَّ فقرك] (٢).
الحديث الثالث: أخرج ابن ماجة وابن حبان بسند صحيح عن زيد بن ثابت مرفوعًا: [من كانت الدنيا همَّه، فرق اللَّه عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته، جمع اللَّه له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة] (٣).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾. قال ابن عباس: (يقول: الشديد). أي: إن اللَّه هو الرزاق خلقه المتكفل بأرزاقهم وأقوالهم ﴿ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ﴾ أي الشديد القوي.
أخرج أبو داود بسند صحيح عن عبد اللَّه قال: [أقرأني رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إني أنا الرّزاق ذو القوة المتين"] (٤).
وقوله: ﴿فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوبًا﴾. أي نصيبًا من العذاب. قال سعيد بن جبير: (سجلًا من العذاب". وقال الحسن: (دلوًا مثل دلو أصحابهم). وقال قتادة: (عذابًا مثل عذاب أصحابهم). وأصل الذَّنوب في لغة العرب الدَّلو العظيمة، وكانوا يستقون الماء فيقسمون ذلك على الأنصباء، فقيل للذَّنوب نصيب من هذا - حكاه القرطبي.
(٢) حديث صحيح. أخرجه الترمذي (٣/ ٣٠٨)، وابن ماجة (٢/ ٥٢٥)، وابن حبان (٢٤٧٧)، وأحمد (٢/ ٣٥٨)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٣٥٩).
(٣) أخرجه ابن ماجة (٢/ ٥٢٤ - ٥٢٥)، وابن حبان (٧٢)، وإسناده صحيح رجاله ثقات.
(٤) حديث صحيح. أخرجه أبو داود (٣٩٩٣)، والترمذي (٢٩٤٠). انظر صحيح أبي داود (٣٣٧٧)، وصحيح الترمذي (٢٣٤٣)، وهذه قراءة شاذة.