وقوله تعالى: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ﴾. توبيخ لا استفهام. أي: يقال لهم: هل هذا الذي وردتموه سحر أم أنتم لا تعاينونه ولا تبصرونه! ؟
وقوله: ﴿اصْلَوْهَا﴾. أي: ادخلوها لتغمركم فذوقوا حرّها وألمها على أجسادكم.
وقوله: ﴿فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ﴾. أي: إنما الصبر وعدمه عليكم سواء، فلا محيدَ لكم عنها ولا نجاة ولا خلاص.
وقوله: ﴿إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾. تعليل الخلود فيها وتجزع سعيرها. أي: ما تجزون إلا أعمالكم، وما قدّمتم لأنفسكم من التكذيب بالوحي والنبوة وتعظيم الهوى والشهوات.
١٧ - ٢٨. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فَاكِهِينَ بِمَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَاهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ (٢٣) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ (٢٤) وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (٢٥) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (٢٦) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (٢٧) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (٢٨)﴾.
في هذه الآيات: نَعْتُ حال المتقين في جنات النعيم، فهم في الطعام والشراب والنكاح والملذات والتكريم، ويطوف عليهم غلمان في الخدمة كأنهم اللؤلؤ المكنون، وهم في اللقاء يتذكرون نعمة اللَّه عليهم فيحمدونه أن وقاهم من عذاب الجحيم.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ﴾. عَطْفٌ بذكر حال السعداء، بعد ذكر مآل الأشقياء. فهؤلاء في الروضات وبساتين النعيم، في الوقت الذي صُرف فيه أهل الشقوة إلى صِليّ الجحيم.