[الخمر أمّ الفواحش، وأكبرُ الكبائر، مَنْ شربها وقعَ على أمِّه وخالتِه وعمّته] (١). فانتفى عن خمر الآخرة كل هذه الآثار الشيطانية، وبقيت المتعة واللذة في صورتها البديعة.
وقوله تعالى: ﴿وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ﴾. الغلمان: الخدم من الأطفال. والمكنون: المصون. والمقصود: إخبار عن الخدم والحشم لأهل الجنة أنهم في الحسن والبياض كاللؤلؤ المكنون -المصون- في الصدف، لشدة حسنهم وبهائهم ونظافتهم وروعة مظهرهم ولباسهم.
وقوله تعالى: ﴿وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ﴾. قال ابن كثير: (أي: أقبلوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا، وهذا كما يتحادثُ أهلُ الشراب على شرابهم إذا أخذ فيهم الشراب بما كان من أمرهم).
وقوله تعالى: ﴿قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ﴾. قال ابن جرير: (قال بعضهم لبعض: إنا أيها القوم كنا في أهلنا في الدنيا مشفقين خائفين من عذاب اللَّه وجلين أن يعذبنا ربنا اليوم).
وقوله تعالى: ﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾. قال ابن زيد: (عذاب النار). أي: فامتن اللَّه علينا أن نجانا من عذاب النار وأدخلنا الجنة برحمته وفضله.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ﴾.
قال ابن عباس: (البر: اللطيف). قال النسفي: ﴿إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ﴾ من قبل لقاء اللَّه تعالى والمصير إليه -يعنون في الدنيا- ﴿نَدْعُوهُ﴾ نعبده ولا نعبد غيره، ونسأله الوقاية ﴿إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ﴾ المحسن ﴿الرَّحِيمُ﴾ العظيم الرحمة الذي إذا عُبد أثاب وإذا سئل أجاب).
٢٩ - ٣٤. قوله تعالى: {فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (٢٩) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (٣٠) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ (٣١) أَمْ

(١) حديث حسن. أخرجه الطبراني (رقم ١١٣٧٢)، (١١٤٩٨)، ورواه في "الأوسط" (٣٢٨٥)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٨٥٣).


الصفحة التالية
Icon