١٠ - ١٤. قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ (١٠) قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ (١١) ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ (١٢) هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ (١٣) فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (١٤)﴾.
في هذه الآيات: يخبر تعالى كيف ينادى الكفار في النار وقد مقتوا أنفسهم إذ ضيّعوا دنياهم بالكفر فاستحقوا العذاب في أخراهم فيقال لهم: إن مقت اللَّه إياكم في الدنيا وأنتم تدعون إلى الإيمان فتكفرون هو أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم، وقد أخزاكم اللَّه في عذاب الهون، ذلك بأنكم كنتم تفرحون بالشرك وتنفرون من توحيده تعالى فالحكم له اليوم وحده لا شريك له.
إنه -تعالى- هو الذي يبين لكم آيات مقدرته وينزل لكم الماء من السماء وما يتذكر -أيها العباد- إلا من ينيب، فأخلصوا له العبادة والدعاء رغم أنف الكافرين فإن اللَّه سبحانه سميع قريب.
فقوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُم إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى الْإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ﴾. قال مجاهد: (مقتوا أنفسهم حين رأوا أعمالهم، ومَقْتُ اللَّه إياهم في الدنيا، إذ يُدعون إلى الإيمان فيكفرون، أكبر).
وقال قتادة: (يقول: لمقت اللَّه أهل الضلالة حين عرض عليهم الإيمان في الدنيا، فتركوه وأبوا أن يقبلوا، أكبر مما مقتوا أنفسهم، حين عاينوا عذاب اللَّه يوم القيامة).
وأصل المقت في لغة العرب البغض، يقال: مقت فلان فلانًا أي أبغضه، والمقصود أن الكفار أبغضوا أنفسهم بسبب ما أسفلوا من الأعمال التي أوصلتهم إلى عذاب النار، فنادتهم الملائكة بأن مقت اللَّه لهم وهم يردون أمره في الدنيا ويستكبرون عن طاعته كان أكبر.