وقوله تعالى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾.
إخبار عن تلطفهم في السؤال، فقالوا: يا رب إنه بقدرتك العظيمة أحييتنا بعد ما كنا أمواتًا في أصلاب آبائنا ثم أمتنا بعد انتهاء حياتنا الدنيا ثم أحييتنا اليوم للحساب وقد اعترفنا بذنوبنا وظلمنا أنفسنا في الدار الدنيا فهل أنت مجيبنا للعودة إلى دار الامتحان في الدنيا لنعمل صالحًا غير الذي كنا نعمل؟ !
وعن ابن عباس: قوله: ﴿رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ﴾ قال: (هو كقوله ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾).
وعن قتادة قال: (كانوا أمواتًا في أصلاب آبائهم، فأحياهم اللَّه في الدنيا، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة، فهما حياتان وموتتان).
قال: (﴿فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ﴾ فهل إلى كرّة إلى الدنيا).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾.
أي: فَأُجيبوا حين طلبوا الرجعة أن لا سبيل إلى ذلك (١)، والسبب وراء هذا المنع أنّ سجاياكم لا تقبل الحق بل تمجُّه وتنفيه فما بكم حبّ اللَّه ودينه ورسله وإنما إرادة التخلص من ألم النار، وقد قضى اللَّه أن لا رجعة إلى تلك الدار، فالحكم إليه إنه هو الحكيم الجبار العلي المتعال.
قال ابن جرير: (﴿ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ﴾ فأنكرتم أن تكون الألوهة له خالصة وقلتم: ﴿أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص: ٥]. ﴿وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا﴾ يقول: وإن يجعل للَّه شريك تصدقوا من جعل ذلك له ﴿فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ﴾ يقول: فالقضاء للَّه العلي على كل شيء، الكبير الذي كل شيء دونه متصاغرًا له اليوم).
وقوله: ﴿هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آيَاتِهِ وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ رِزْقًا﴾.
أي: هو الذي يريكم آيات قدرته العجيبة من الريح والسحاب والرعد والبرق والصواعق والزلازل والبراكين وغير ذلك مما يدل على انفراده سبحانه بالجبروت