والعظمة، وكذلك ينزل لكم من السماء الغيث الذي يخرج به أقواتكم وغذاء أنعامكم وما يعقب ذلك من أرزاقكم.
وقوله: ﴿وَمَا يَتَذَكَّرُ إِلَّا مَنْ يُنِيبُ﴾. قال السدي: (من يقبل إلى طاعة اللَّه).
أي: وما يتعظ بحجج اللَّه ويعتبر بها إلا من هو بصير راجع إلى اللَّه يرجو رحمته ويخشى عذابه.
وقوله تعالى: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾.
قال النسفى: (ثم قال للمنيبين: ﴿فَادْعُوا اللَّهَ﴾ فاعبدوه ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ من الشرك ﴿وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾ وإن غاظ ذلك أعداءكم ممن ليس على دينكم).
أخرج الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ادعوا اللَّه وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن اللَّه لا يستجيب دعاءً مِنْ قَلْبٍ غافل لاهٍ] (١).
وفي صحيح مسلم عن أبي الزبير قال: [كان ابن الزُّبير يقول في دُبُرِ كُلِّ صلاةٍ، حين يُسَلِّمُ: "لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، له الملك وله الحمدُ وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا باللَّه، لا إله إلا اللَّه، ولا نعبد إلا إياه، له النِّعمةُ وله الفَضْلُ، وله الثناءُ الحَسَنُ، لا إله إلا اللَّه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون". وقال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يُهلّل بِهنَّ دُبُرَ كل صلاة] (٢).
١٥ - ١٧. قوله تعالى: ﴿رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ (١٥) يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (١٧)﴾.
في هذه الآيات: ثناء اللَّه تعالى على نفسه، ومدح عرشه، وإثبات تنزل الوحي
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٥٩٤) - كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته. وانظر مسند أحمد (٤/ ٤) بإسناد على شرط مسلم.