وقوله تعالى: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾. أي: أم بأيديهم خزائن رزقه فهم لاستغنائهم معرضون؟ ! أم هم الجبابرة المتسلطون فهم لذلك على اللَّه يستكبرون!
أخرج البخاري في الصحيح عن محمد بن جُبَيْر بن مُطْعم عن أبيه رضي اللَّه عنه قال: [سمعت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يقرأ في المغرب بالطُّور، فلما بلغَ هذه الآية: ﴿أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (٣٦) أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ﴾ كاد قلبي أن يطير] (١).
وكان جُبير بن مطعم قد قدم على النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بعد وقعة بدر في فداءِ الأسارى، وكان إذ ذاك مشركًا، فكان سماعه لهذه الآيات من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك.
وقوله: ﴿أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ﴾. أي: أم لهم مرقاة إلى السماء إلى الملأ الأعلى فيرتقون يستمعون من الوحي، دهم متمسكون بما حصل من الإقرار لهم على منهاجهم! ؟
وقوله: ﴿فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. أي: فليأت الذي يستمع لهم بحجّة تبين أنها حق، يُثبت فيها ما يدّعون.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ﴾. قال القرطبي: (سَفَّهَ أحلامهم توبيخًا لهم وتقريعًا. أي أتضيفون إلى اللَّه البنات مع أنفتكم منهن، ومن كان عقله هكذا فلا يُستبعد منه إنكار البعث).
والآية إنكار على المشركين نسبهم البنات إلى اللَّه وجعلهم الملائكة إناثًا عبدوهم مع اللَّه، واختيارهم الذكور لأنفسهم أنفة وكبرًا.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ﴾. قال قتادة: (يقول: هل سألت هؤلاء القوم أجرًا يُجْهدهم فلا يستطيعون الإسلام). وقال ابن زيد: (أسألتهم على هذا أجرًا فأثقلهم الذي يُبْتَغى أخذه منهم).
وقوله تعالى: ﴿أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ﴾. أي: أم عندهم علم الغيب فهم يكتبون منه ويخبرون الناس بما لهم وما عليهم، وما كان وما يكون وما هو كائن؟ ! أي: ليس

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٨٥٤) - كتاب التفسير، وكذلك أخرجه (٧٦٥)، (٣٠٣٠)، وانظر صحيح مسلم (٤٦٣).


الصفحة التالية
Icon