ثانيًا: أوحى له خواتيم سورة البقرة ومغفرة الكبائر للمؤمنين:
فكان فيما أوحى اللَّه لنبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ليلة الإسراء خواتيم سورة البقرة، وأخبره بمغفرة المقحمات لمن يموت من أمته لا يشرك باللَّه شيئًا.
فقد روى مسلم في صحيحه عن عبد اللَّه قال: [لما أُسري برسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- انتُهِيَ به إلى سِدرة المنتهى، وهي في السماء السادسة، إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يُهْبَطُ به من فوقها فيقبض منها. قال: ﴿إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى﴾ قال: فراش من ذهب. قال: فأعطي رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثلاثًا: أُعطي الصلوات الخمس، وأعطي خوايتم سورة البقرة، وغفر لمن لا يشرك باللَّه من أمته شيئًا المقحمات] (١).
ثالثًا: سمع صريف الأقلام وكتابة الملائكة أعمال العباد.
فقد أخرج الإمام البخاري من حديث ابن عباس وفيه: [ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى أسمع فيه صريف الأقلام، ففرض اللَّه على أمتي خمسين صلاة... فرجعت فراجعته فقال: هي خمس وهي خمسون لا يُبدَّلُ القول لديّ] (٢).
رابعًا: دخل الجنة ورأى نهر الكوثر فيها، ورأى في أصل سدرة المنتهى أنهارًا أربعة تفجّر منها.
ففي صحيح البخاري عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [بينما أنا أسيرُ في الجنة إذا أنا بنهر حافتاه قبابُ الدر المجوف، قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الكوثر الذي أعطاك ربُّك، فإذا طينُه مِسْكٌ أذفَرُ] (٣). والأذفر هو الشديد الرائحة.
وكذلك أخرج البخاري عن أنس بن مالك، عن مالك بن صعصعة، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [فَرُفِعَ لي البيتُ المعمور، فسألت جبريل فقال: هذا البيت المعمور يُصلي فيه كُلَّ يوم سبعون ألف ملك إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخِرَ ما عليهم، وَرفِعَت لي سِدْرَةُ المنتهى فإذا نَبقُها كأنه قلال وورقُها كأنه آذان الفيول، في أصلها أربعة أنهار: نهران
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري -[فتح الباري (١/ ٤٥٨) - (٣/ ٤٩٢)] من حديث ابن عباس.
(٣) حديث صحيح. انظر: (فتح الباري - شرح صحيح البخاري - (٨/ ٧٣١)).