قال ابن جرير: (كان قد اشتقوا اسم اللات من اسم اللَّه، فقالوا اللات يعنون مؤنثة منه) - تعالى اللَّه عن ذلك علوًا كبيرًا.
وأما العُزّى فمشتقة من العزيز. وكانت شجرة عليها بناءٌ كبيرٌ وأستارٌ بنخلة، وهي بين مكة والطائف، وكانت قريش يعظمونها، كما قال أبو سفيان يوم أحد: (لنا العزّى ولا عزّى لكم). فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [قولوا: اللَّه مولانا ولا مولى لكم].
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [مَنْ حَلَفَ فقال في حَلِفِهِ: واللّات والعُزّى، فليقل: لا إله إلا اللَّه] (١). والمقصود ما يكون من ذلك من زلة اللسان على عادة الجاهلية.
وفي المسند وصحيح ابن حبان بإسناد على شرط مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: [حَلَفْتُ باللات والعُزَّى، فقال لي أصحابي: بئسَ ما قلتَ! قُلْتَ هُجرًا! فأتيت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكرت ذلك له، فقال: قُل: لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له، له الملك وله الحمدُ، وهو على كل شيء قدير. وانفث عن شِمالك ثلاثًا وتَعَوَّذ باللَّه من الشيطان الرجيم، ثم لا تَعُدْ] (٢).
وأما "مَنَاة" فكانت تُعظِّمها خزاعة والأوس والخزرج في الجاهلية، وكانوا يهلون منها للحج إلى الكعبة. قال البخاري: (قال سفيان: مَناةُ بالمُشَلَّلِ مِنْ قُدَيْدٍ). قال: (وقال مَعْمَرٌ عن الزهري، عن عُروة، عن عائشة: كان رجالٌ من الأنصارِ مِمَّنْ كانَ يُهِلُّ لمناة، -ومناةُ صَنَمٌ بين مكةَ والمدينة- قالوا: يا نبي اللَّه، كنّا لا نطوف بين الصفا والمروة تعظيمًا لمناة) (٣).
وقد خرّج البخاري في صحيحه عند تفسير هذه الآية: ﴿وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى﴾ عن عروة: قلت لعائشة رضي اللَّه عنها: فقالت: [إنما كان مَنْ أَهَلَّ لِمَناة الطّاغِيَة التي بالمُشَلَّلِ لا يطوفون بين الصَّفا والمَرْوَةِ، فأنزل اللَّه تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ
(٢) أخرجه أحمد (١/ ١٨٣)، (١/ ١٨٦ - ١٨٧)، والنسائي (٣٧٧٦)، (٣٧٧٧)، وفي "التفسير" (٥٦٥)، وابن حبان (٤٣٦٥)، وإسناده على شرط مسلم، ويشهد لأصله ما قبله.
(٣) أخرجه البخاري في كتاب التفسير من صحيحه، عقب الحديث (٤٨٦١). وانظر كذلك (١٦٤٣).