وحُجابها بني مُعَتِّب، وقد بعث إليها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صَخْر بن حَرب، فهدماها وجَعلا مكانها مسجدَ الطائف.
وبذلك أزيلت أكبر مراكز الوثنية في جزيرة العرب، وأُجهز على قلاعها الخرافية ومنشآتها الأسطورية، لتسطع على الأرض من جديد شمس دين الإسلام دين الحق والتوحيد، وهي تشع فوق أرجاء مكة وربوعها، ومنها تمتد إلى أرجاء المعمورة، وهي تحمل إلى البشرية النور والأمن والتوحيد والإيمان، بعدما عانت البشرية زمنًا طويلًا من ظلام الشرك والكفر والظلم والطغيان، وليدخل الناس في دين اللَّه أفواجًا.
وقوله تعالى: ﴿أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (٢١) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى﴾. أي: جعلكم للَّه البنات ولكم البنين قسمة جائرة. من ضازه يضيزه إذا ضامه.
وقوله: ﴿إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ﴾. إنكار على المشركين إحداثهم الكذب والكفر من عبادة الأصنام وتسميتها آلهة، ما أنزل اللَّه بها حجة ولا مستند لهم بذلك إلا تعظيم آبائهم لها وحسن ظنهم بآبائهم وما تهوى نفوسهم، ولذلك قال سبحانه: ﴿إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ﴾.
وقوله: ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى﴾. أي: ولقد جاءهم من اللَّه الوحي والنبوة فكذبوا واتبعوا أهواءهم.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ لِلْإِنْسَانِ مَا تَمَنَّى (٢٤) فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى﴾. أي: ليس كل من تمنى خيرًا حصل له، وما كل من زعم أنه مهتد يكون كذلك، فالأمر للَّه تعالى مالك الدارين.
وقوله تعالى: ﴿وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى﴾. أي: إذا كان أمر الشفاعة هكذا في حق الملائكة المقربين فكيف بالأصنام المذمومة؟ قال القرطبي: (هذا توبيخ من اللَّه تعالى لمن عبد الملائكة والأصنام، وزعم أن ذلك يقرّبه إلى اللَّه تعالى، فأعلم أن الملائكة مع كثرة عبادتها وكرامتهم على اللَّه لا تشفع إلا لمن أذن أن يشفع له).
وفي التنزيل نحو ذلك:
١ - قال تعالى: ﴿مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ﴾ [البقرة: ٢٥٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ [سبأ: ٢٣].
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [أما أهل النار الذين هم