قبض قبضة فقال: في الجنة برحمتي، وقبض قبضة فقال: في النار ولا أبالي] (١).
وقوله: ﴿وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾. أي: وهو -تعالى- أعلم بأحوالكم حين أنتم حمل لم تولدوا ولم تخرجوا من بطون أمهاتكم.
أخرج الإمام مسلم في الصحيح عن أنس، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ اللَّه تعالى وكَّلَ بالرحم ملكًا يقول: أي رب نطفة، أي رب علقة، أي رب مضغة، فإذا أراد اللَّه أن يقضي خلقها قال: أي رب شقي أو سعيد؟ ذكر أو أنثى؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتبُ كذلك في بطن أمه] (٢).
وقوله: ﴿فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ﴾. قال زيد بن أسلم: (يقول: فلا تبرئوها). قال ابن جرير: (يقول جل ثناؤه: فلا تشهدوا لأنفسكم بأنها زكية بريئة من الذنوب والمعاصي).
وقوله: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى﴾. أي: اللَّه أعلم -يا محمد- بمن خاف مقام ربه وعظّم شرعه وحرص بصدق على النجاة من عقابه.
وفي التنزيل نحو ذلك:
- قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا﴾.
ومن صحيح السنة المطهرة في ذلك أحاديث:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن محمد بن عمرو بن عطاء قال: [سَمَّيْتُ ابنتي بَرَّةَ، فقالتْ لي زينبُ بِنْتُ أبي سَلَمَةَ: إنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- نهى عن هذا الاسم، وَسُمِّيتُ بَرَّةَ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تُزكُّوا أنْفُسَكم، اللَّهُ أعْلَمُ بأهل البِرِّ مِنكُم". فقالوا: بِمَ نُسَمِّيها؟ قال: سَمُّوها زَيْنَبَ] (٣).
ورواه مسلم عن أبي هريرة: [أنّ زينبَ كان اسْمُها بَرَّة، فقيل: تُزَكِّي نَفْسَها، فسَمّاها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زينب] (٤).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن عبد الرحمن بن أبي بَكْرة عن
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٦٤٦) - كتاب القدر، وانظر كذلك (٢٦٤٥)، ورواه أحمد.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢١٤٢) ح (١٩) - كتاب الآداب، وكذلك ح (١٨).
(٤) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢١٤١) - كتاب الآداب. باب استحباب تغيير الاسم القبيح إلى حسن، وتغيير اسم برة إلى زينب وجويرية ونحوهما.