الكسائي: (أكْدى الحافرُ وأَجبل إذا بلغ في حَفْره كُدْية أو جبلًا فلا يمكنه أن يَحفِر).
وقوله تعالى: ﴿أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى﴾. قال ابن كثير: (أي: أعندَ هذا الذي قد أمسكَ يده خشية الإنفاق، وقَطَعَ معروفَه، أعندهُ علمُ الغيب أنه سينفد ما في يده، حتى أمسك عن معروفه، فهو يرى ذلك عِيانًا؟ ! أي: ليس الأمر كذلك، وإنما أمسكَ عن الصَّدقة والمعروف والبرِّ والصلة بُخلًا وشُحًّا وهَلَعًا).
فالآية ذمٌّ لسلوك أهل البخل والشح الذين لا يثقون بإخلاف اللَّه الرزق لهم عقب الصدقات والإنفاق في سبيل اللَّه.
وفي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [سبأ: ٣٩].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [التغابن: ١٦].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى﴾ [الليل: ٨ - ١١].
وفي صحيح مسلم عن جابر، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح فان الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم] (١).
وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة - رضي اللَّه عنه - أن النَّبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ما مِنْ يوم يُصْبحُ العِبادُ فيه إلا مَلكانِ ينزلانِ فيقول أحدهما: اللهم أعط مُنْفِقًا خَلَفًا، ويقول الآخرُ: اللهم أعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا] (٢).
وفي معجم الطبراني ومسند أبي يعلى بسند حسن من حديث بلال مرفوعًا: [أنفق بلالًا، ولا تخش من ذي العرش إقلالًا] (٣).
وقوله تعالى: ﴿أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى﴾. أي: أم لم يخبر بما في التوراة التي أنزلها اللَّه سبحانه على موسى.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (١٤٤٢) - كتاب الزكاة. وأخرجه مسلم (١٠١٠)، وغيرهما.
(٣) حديث حسن. أخرجه الطبراني (١٠٢٠)، وأبو يعلى (٦٠٤٥)، وأبو نعيم في "الحلية" (٢/ ٢٨٠)، وحسن إسناده الهيثمي في "المجمع" (٣/ ١٢٦).