وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾. بشارة للمؤمن ونذارة للكافر، أي: وأن نتائج سعيه سيراها في صحيفته يوم القيامة، ثم ينال أوفر الجزاء وأتمّه وأعدله، إن خيرًا فخير، وإن شرًا فشرّ. قال النسفي: (أي يرى هو سعيه يوم القيامة في ميزانه، ثم يجزى العبد سعيه ﴿الْجَزَاءَ الْأَوْفَى﴾). قال القاسمي: (أي يجزى سعيه جزاءً وافرًا لا يبخس منه شيئًا).
وفي التنزيل نحو ذلك: ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [التوبة: ١٠٥].
وفي الصحيحين عن عائشة أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [ليس أحد يحاسَبُ يومَ القيامة إلا هلك. قلت: أوليس يقول اللَّه ﴿فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا﴾ فقال: إنما ذلك العرض، ولكن من نوقش في الحساب يهلك] (١).
وفي الصحيحين أيضًا عن عدي بن حاتم قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [ما منكم أحدٌ إلا سيكلمه ربه، ليس بينَه وبينَه ترجمان، ولا حجابٌ يَحْجُبُهُ، فينظر أيمنَ منه فلا يرى إلا ما قَدَّم من عمله، وينظُرُ أشأمَ منه فلا يرى إلا ما قدَّم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النارَ تلقاء وجهِه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة] (٢).
وفي صحيح الحاكم بسند جيد عن سلمان، عن النبي عليه الصلاة والسلام قال: [يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت. فتقول الملائكة: يا رب: لِمَنْ يزن هذا؟ فيقول اللَّه تعالى: لمن شئت من خلقي. فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك] (٣).
٤٢ - ٥٥. قوله تعالى: {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (٤٢) وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (٤٣) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (٤٤) وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (٤٥) مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى (٤٦) وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى (٤٧) وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى (٤٨) وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى (٤٩) وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٤٩٣٩)، وأخرجه مسلم (٢٨٧٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٥٣٩) - كتاب الرقاق. وأخرجه مسلم (١٠١٦) - كتاب الزكاة.
(٣) أخرجه الحاكم (٤/ ٥٨٦) وسنده جيد. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٤١).


الصفحة التالية
Icon