الْأُولَى (٥٠) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى (٥١) وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى (٥٢) وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى (٥٣) فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى (٥٤) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى (٥٥)}.
في هذه الآيات: إثباتُ أمر الخلق والفرح والحزن والحياة والموت للَّه العظيم، وتأكيد إهلاكه -تعالى- عبر الزمان القوم الظالمين.
فقوله تعالى: ﴿وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى﴾. أي المعاد، وانتهاء جميع الخلق إليه. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: وأن إلى ربك يا محمد انتهاء جميع خلقه ومرجعهم، وهو المجازي جميعهم بأعمالهم، صالحهم وطالحهم، ومحسنهم ومسيئهم).
أخرج الحاكم -والطبراني بنحوه- بسند صحيح لشواهده، عن عمرو بن ميمون الأودي قال: [قام فينا معاذ بن جبل فقال: يا بني أود! إني رسولُ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: تعلمونَ المعادَ إلى اللَّه، ثم إلى الجنة أو إلى النار، وإقامةٌ لا ظعن فيه، وخلودٌ لا موت، في أجسادٍ لا تموت] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾. أي خلق الضحك والبكاء، والفرح والحزن، فأضحك وأفرح من شاء، وأبكى وأحزن من شاء.
وقال عطاء بن أبي مسلم: (﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى﴾ يعني أفرح وأحزن، لأن الفرح يجلب الضحك والحزن يجلب البكاء). وقال الحسن: (أضحك اللَّه أهل الجنة في الجنة، وأبكى أهل النار في النار). وقال ذو النون: (أضحك قلوب المؤمنين والعارفين بشمس معرفته، وأبكى قلوب الكافرين والعاصين بظلمة نكرته ومعصيته). وقيل لعمر: هل كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يضحكون؟ قال: (نعم! والإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي).
أخرج البخاري في "الأدب المفرد"، والبيهقي في "شعب الإيمان" -بإسناد صحيح على شرط مسلم- عن أبي هريرة قال: [خرج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- على رهط من أصحابه يضحكون ويتحدّثون، فقال: "والذي نفسي بيده! لو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلًا، ولبكيتم