وقوله: ﴿لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ﴾.
قال ابن عباس: (﴿يَوْمَ التَّلَاقِ﴾ من أسماء يوم القيامة، عظمه اللَّه، وحذره عباده). وقال قتادة: (يوم تلتقي فيه أهل السماء وأهل الأرض والخالق والخلق). وقال ابن زيد: (يوم تتلاقى العباد). وقال ميمون بن مِهران: (يلتقي الظالم والمظلوم). ولا شك أن كل هذه الأوصاف كائنة يوم القيامة.
وقوله: ﴿يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ﴾. أي: ظاهرون لا يخفى عليه شيء منهم ومن أعمالهم.
قال القرطبي: (ومعنى: ﴿بَارِزُونَ﴾ خارجون من قبورهم لا يسترهم شيء، لأن الأرض يومئذ قاع صفصف لا عوج فيها ولا أمْتًا).
وقوله: ﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾.
قال ابن جرير: (يقول الرب: لمن السلطان اليوم؟ وذلك يوم القيامة. فيجيب نفسه فيقول: للَّه الواحد الذي لا مثل له ولا شبيه، القهار لكل شيء سواه بقدرته الغالب بعزته).
وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: [يقبِضُ اللَّه الأرض ويطوي السماوات بيمينه، ثم يقول: أنا الملك، أين ملوك الأرض] (١).
وقوله: ﴿الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ﴾.
إخبار عن عدله تعالى في قضائه وفصله بين خلقه، وحكمه على أعمالهم وما كسبت أيديهم، فإنه تعالى يجازي الحسنة بعشر أمثالها، والسيئة بمثلها.
ففي التنزيل:
١ - قال تعالى: ﴿وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ﴾ [فصلت: ٤٦].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: ٤٧].
٣ - وقال تعالى: ﴿وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ٢٢].
(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٨١٢) - كتاب التفسير. وكذلك (٧٤١٢)، ورواه مسلم.