وفي صحيح السنة المطهرة في آفاق هذه الآية أحاديث، منها:
الحديث الأول: أخرج الإمام مسلم من حديث أبي ذر، عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فيما يحكي عن ربه عزّ وجل أنه قال: [يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا -إلى أن قال- يا عبادي، إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها، فمن وجَدَ خيرًا فليحمد اللَّه، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسَه] (١).
الحديث الثاني: أخرج الحاكم بسند جيد عن سلمان، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يوضع الميزان يوم القيامة، فلو وزن فيه السماوات والأرض لوسعت. فتقول الملائكة: يا رب! لِمَنْ يزنُ هذا؟ فيقول اللَّه تعالى: لمن شئت من خلقي، فتقول الملائكة: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك] (٢).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.
أي يحاسب الخلائق جميعهم كما يحاسب نفسًا واحدة.
كما قال جل ذكره: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ﴾ [القمر: ٥٠]. وكقوله جل ثناؤه: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨].
قال القاسمي: (﴿إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾ أي بإيصال ما يستحق كل منهم إليه، من تبعات سيئاته وثمرات حسناته).
١٨ - ٢٠. قوله تعالى: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ (١٨) يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ (١٩) وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (٢٠)﴾.
في هذه الآيات: أَمْرُ اللَّه تعالى نبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم- إنذار قومه يوم القيامة وقد وقعت القلوب في
(٢) أخرجه الحاكم (٤/ ٥٨٦)، وإسناده صحيح لغيره. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (٩٤١).