وخلاصة المعنى كما ذكر القاسمي رحمه اللَّه: (﴿وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى﴾ أي أغنى من شاء بالمال. و"أقناه" أي جعل له قنية، وهو ما يدّخره من أشرف أمواله).
وقوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرَى﴾. قال ابن عباس: (هو هذا النَّجمُ الوقَّاد الذي يُقال له: مِرِزَمُ الجوزاء، كانت طائفة من العرب يعبدونه). قال النسفي: (هو كوكب يطلع بعد الجوزاء في شدة الحر، وكانت خراعة تعبدها، فأعلم اللَّه أنه رب معبودهم هذا).
وقوله: ﴿وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى﴾. وهم قوم هود. وسميت الأولى لتقدمها في الزمان. وهم عاد بن إرم بن سام بن نوح، كما قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (٦) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ (٧) الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُهَا فِي الْبِلَادِ﴾ [الفجر: ٦ - ٨]. وكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على اللَّه تعالى وعلى رسوله، فدكهم اللَّه بريح صرصر عاتية، سخّرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة، وأما عاد الآخرة فهم من ولد عاد الأولى.
وقد أبعد النّجعة اليوم بعض المتعالمين حين سمّى -أمريكة- بعاد الثانية، فزعم أن تلك الأولى وهذه الآخرة، جَهْلًا بتفسير كتاب اللَّه تعالى، واستخدامًا للفلسفة والرأي بدل تتبع دقائق الوحي.
وقوله: ﴿وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى﴾. هم قوم صالح، أهلكهم اللَّه بالصيحة لما ظلموا. قال ابن جرير: (يقول جل ذكره: ولم يبق اللَّه ثمود فيتركها على طغيانها وتمرّدها على ربها مقيمة، ولكنه عاقبها بكفرها وعتوّها فأهلكها).
وقوله تعالى: ﴿وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغَى﴾. أي: وكذلك فقد أهلك سبحانه قوم نوح من قبل هؤلاء، فقد كانوا أشدَّ عنادًا وغرورًا وتمردًا من الذين من بعدهم. وفيه تسلية للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وتعزية عما يلقاه من عناد قومه وكبرهم، فإن اللَّه قد أهلك من كان أكفر منهم وأطغى.
وقوله تعالى: ﴿وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى﴾. قال القرطبي: (يعني مدائن قوم لوط عليه السلام ائتفكت بهم، أي انقلبت وصار عاليها سافلها. يقال: أَفَكْته أي، قلبته وصرفته. ﴿أَهْوَى﴾ أي خسف بهم بعد رفعها إلى السماء، رفعها جبريل ثم أهوى بها إلى الأرض).
وقوله تعالى: ﴿فَغَشَّاهَا مَا غَشَّى﴾. قال قتادة: (الحجارة). وقال ابن زيد: (الحجارة التي رماهم بها من السماء). وقوله: ﴿مَا غَشَّى﴾ تعظيم وتهويل لما صبّ عليها من