العذاب وأمطر عليها من الصخر المنضود، كما قال جل ذكره: ﴿وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ﴾ [الشعراء: ١٧٣].
وقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ تَتَمَارَى﴾. قال النسفي: (﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكَ﴾ أيها المخاطب ﴿تَتَمَارَى﴾ تتشكك بما أولاك من النعم أو بما كفاك من النقم، أو بأي نعم ربك الدالة على وحدانيته وربوبيته تشكك).
٥٦ - ٦٢. قوله تعالى: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى (٥٦) أَزِفَتِ الْآزِفَةُ (٥٧) لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ (٥٨) أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ (٥٩) وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ (٦٠) وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ (٦١) فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا (٦٢)﴾.
في هذه الآيات: يقول جل ذكره: هذا محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- أيها الناس- نذير من جنس الرسل من قبله الذين أنذروا قومهم، كما أن هذا البيان نذير يشبه ما أُنذر به الأولون في الكتب المتقدمة. وتأكيد اقتراب الساعة والناس في لهو وغفلة، وأولى بهم أن يلتفتوا لما ينجيهم من السجود للَّه وتعظيمه وحده.
فقوله تعالى: ﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾. قال قتادة: (أنذر محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- كما أنذرت الرسل من قبله). وقال: (إنما بعث محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- بما بعث الرسل قبله). وقال أبو مالك: (﴿هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولَى﴾ مما أنذروا به قومهم في صحف إبراهيم وموسى).
وفي صحيح مسلم عن أبي موسى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ مثلي ومثلَ ما بعثني اللَّه عز وجل به كمثل رجل أتى قومه، فقال: يا قوم! إني رأيت الجيش بِعَيْنيَّ، وإني أنا النذير العُرْيان] (١).
وقوله تعالى: ﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ﴾. قال ابن عباس: (من أسماء يوم القيامة، عَظَّمَهُ اللَّه، وحذّره عباده). وقال مجاهد: (﴿أَزِفَتِ الْآزِفَةُ﴾ قال: اقتربت الساعة). فالمعنى: اقتربت القريبة، وهي القيامة.
وقوله تعالى: ﴿لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ كَاشِفَةٌ﴾. قال ابن كثير: (أي: لا يدفعُها إذن من دون اللَّه أحدٌ، ولا يَطلِعُ على عِلمها سواهُ).