على التعظُّم علينا على ادّعاء ذلك. والأشَرُ في لغة العرب: البَطَر.
وقوله تعالى: ﴿سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ﴾. تهديد لهم ووعيد، على تطاولهم على نبي اللَّه بالاتهام والتكذيب.
وقوله: ﴿إِنَّا مُرْسِلُو النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ﴾. أي: إنا مختبروهم بالناقة فمخرجوها لهم من الهضبة كما سألوا امتحانًا لهم. قال ابن كثير: (أخرج اللَّه تعالى لهم ناقةً عظيمة عُشَرَاء من صَخْرَةٍ صَمَّاءَ طِبقَ ما سألوا، لتكون حُجَّة اللَّه عليهم في تصديق صالح -عليه السلام- فيما جاءهم به).
وقوله: ﴿فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ﴾. أمر من اللَّه تعالى لصالح -عليه السلام- بلزوم الصبر والمصابرة، فإن العاقبة والنصر سيكون له في الدارين. قال النسفي: (﴿فَارْتَقِبْهُمْ﴾ فانتظرهم وتبصر ما هم صانعون ﴿وَاصْطَبِرْ﴾ على أذاهم ولا تعجل حتى يأتيك أمري).
وقوله: ﴿وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْمَاءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ﴾. أي: يوم لهم ويومٌ للناقة. كقوله تعالى: ﴿قَالَ هَذِهِ نَاقَةٌ لَهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ﴾ [الشعراء: ١٥٥]. وقيل: ﴿بَيْنَهُمْ﴾ لأن العرب إذا أخبرت عن فعل جماعة بني آدم مختلطًا بهم البهائم، غلّبوا فعل بني آدم على فعل البهائم.
وقوله: ﴿كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ﴾. قال مجاهد: (يحضرون بهم إلى الماء إذا غابت، وإذا جاءت حضروا اللبن). والشِّرب: الحظ من الماء. والمقصود: الناقة تحضرُ الماء يوم وردِها، وتغيب عنهم يوم وِردهم. قال ابن عباس: (كان يوم شِربهم لا تشرب الناقة شيئًا من الماء وتسقيهم لبنًا وكانوا في نعيم، وإذا كان يوم الناقة شربت الماء كلّه فلم تبق لهم شيئًا).
أخرج الإمام أحمد من حديث جابر قال: [لما نزلنا الحجْر في مغزى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تبوك، قال: "أيها الناس لا تسألوا في هذه الآيات، هؤلاء قوم صالح سألوا نبيّهم أن يبعث اللَّه لهم ناقة، فبعث اللَّه عز وجل إليهم الناقة، فكانت ترِدُ من ذلك الفجّ فتشرب ماءهم يوم وردها، ويحلبون منها مثل الذي كانوا يشربون يوم غِبِّها"] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ﴾. أي: فنادى القوم صاحبهم -قدار ابن سالف أحيمر ثمود- فاجترأ على الإقدام على عقرها، وتعاطى الأمر العظيم غير