٤١ - ٤٦. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (٤١) كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (٤٢) أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ (٤٣) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (٤٤) سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ (٤٥) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ (٤٦)﴾.
في هذه الآيات: تكذيب آل فرعون رسولهم موسى عليه الصلاة والسلام، وتماديهم بالكفر والعناد حتى نزل بهم من اللَّه الانتقام، وما كفار مكة ببعيد إهلاكهم إن أصروا على الكفر والعناد كبقية الأقوام.
فقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ﴾. إخبارٌ من اللَّه عن استيفاء الحجة على آل فرعون، فجاءهم موسى وأخوه هارون بالبشارة إن آمنوا، والنِّذارة إن كفروا، وأيدهم اللَّه تعالى بالآيات والمعجزات الباهرة.
وقوله: ﴿كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا﴾. قال ابن جرير: (يقول جلّ ثناؤه: كذّب آل فرعون بأدلتنا التي جاءتهم من عندنا، وحججنا التي أتتهم بأنه لا إله إلا اللَّه وحده كلها).
وقوله: ﴿فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ﴾. قال قتادة: (يقول: عزيز في نقمته إذا انتقم).
وقوله: ﴿أَكُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولَئِكُمْ﴾. أي: أكفاركم -معشر المشركين من قريش- خير من الذين تقدّم ذكر هلاكهم لما كفروا بالكتب وكذبوا الرسل؟ ! ألكم خصوصية تميّزكم منهم فتكفرون وتكذبون ثم تنجون؟ !.
وقوله: ﴿أَمْ لَكُمْ بَرَاءَةٌ فِي الزُّبُرِ﴾. قال عكرمة: (يعني في الكتب). والمعنى: أم معكم -أيها المشركون- من اللَّه براءة أقرّها في الكتب ألا ينالكم بعذاب ولا انتقام.
وقوله تعالى: ﴿أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ﴾. قال ابن كثير: (أي: يعتقدون أنهم يتناصرون، بعضهم بعضًا، وأنَّ جَمْعهم يُغني عنهم مَنْ أرادَهُم بسوءٍ).
وقوله تعالى: ﴿سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ﴾. إخبارٌ من اللَّه سبحانه وتقريرٌ أنّ كفار قريش سيهزمون ويولون أدبارهم المؤمنين أثناء فرارهم مغلوبين صاغرين.
أخرج البخاري في الصحيح والنسائي في "التفسير" عن عكرمة، عن ابن عباس: [أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال -وهو في قُبَّةٍ يومَ بَدْر-: "اللهم إني أَنْشُدُكَ عَهْدَكَ وَوَعْدَكَ، اللهم إنْ تَشَأْ لا تُعْبَدْ بعدَ اليوم". فأخذ أبو بكر بيده فقال: حَسْبُكَ يا رسولَ اللَّه،