وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ (٢١) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٢٢)}.
في هذه الآيات: يقول تعالى: أولم ير هؤلاء المشركون ما حل بالأمم الكافرة قبلهم -وهم يسيرون في أطراف البلاد فيمرون على آثارهم- مع أنهم كانوا أشد منهم قوة في الأجسام، ﴿وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ﴾: من المعالم العظيمة والصروح المتينة وقوي البنيان، فأخذهم اللَّه بذنوبهم وما وقاهم من عذاب اللَّه واق، إنهم كفروا رغم ما أُثْبِتَ لهم من الآيات الداعية إلى الإيمان، وما يقتضيه من الأركان، فدمرهم اللَّه، إن عذابه شديد أليم موجع لا مردّ له إذا نزل بالقوم الكافرين.
وعن قتادة: (﴿وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَاقٍ﴾ يقيهم، ولا ينفعهم).
وقوله تعالى: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾.
قال ابن جرير: (-يقول-: فاحذروا أيها القوم أن تسلكوا سبيلهم في تكذيب محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وجحود توحيد اللَّه ومخالفة أمره ونهيه فيسلك بكم في تعجيل الهلاك لكم مسلكهم).
٢٣ - ٢٧. قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٢٣) إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٢٤) فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ (٢٥) وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (٢٦) وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ (٢٧)﴾.
في هذه الآيات: خَبَرُ إرسال اللَّه تعالى موسى -صلى اللَّه عليه وسلم- إلى فرعون وهامان وقارون، ومقابلتهم للحق بالتكذيب والمكر والتهديد بالقتل، ولجوء موسى عليه السلام إلى ربه لينصره على هذا الطاغية المتجبر المتكبر.