فقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُبِينٍ﴾. السلطان هو الحجة والبرهان. قال قتادة: (أي عذر مبين).
والآية تسلية من اللَّه تعالى لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم- عما يلقى من مشركي قريش بإعلامه ما لقي موسى قبله من فرعون وملئه، وسنته سبحانه في أهل الكفر.
وقوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ﴾. أي: إلى رؤوس الكفر والمكر والكبر.
ففرعون رأس الكفر في زمانه، يعاونه وزيره هامان رأس المكر، وأكثر الناس في زمانه مالًا وتجارة قارون رأس الكبر.
وقوله: ﴿فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾. أي اتهموه بالكذب والسحر والجنون.
وقوله: ﴿فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ﴾.
أي فلما جاءهم موسى بتوحيد اللَّه وإفراده بالتعظيم والعمل بطاعته مع إقامة الحجة عليهم قالوا اقتلوا أبناء من آمن معه وأبقوا نساءهم للخدمة. قال قتادة: (هذا قتل غير القتل الأول الذي كان) (١).
وقوله: ﴿وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ﴾. أي: وما مكرهم في محاولتهم تقليل عدد بني إسرائيل لئلا ينصروا عليهم إلا ذاهب وهالك.
قال ابن جرير: (وما احتيال أهل الكفر لأهل الإيمان باللَّه إلا في جور عن سبيل الحق، وصدّ عن قصد المحجة).
وقوله: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ﴾.
قال ابن كثير: (وهذا عَزْمٌ من فِرْعونَ -لعنه اللَّه- على قتل موسى -عليه السلام- أي قال لقومه: دعوني حتى أقتلَ لكم هذا، ﴿وَلْيَدْعُ رَبَّهُ﴾، أي: لا أبالي منه. وهذا في غاية الجَحْدِ والتَّجهرُم والعناد).
وقوله: ﴿أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾.
قال قتادة: (﴿إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ﴾ أي أمركم الذي أنتم عليه ﴿أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ﴾ والفساد عنده أن يعمل بطاعة اللَّه).