قال القرطبي: (إن لم يبدل دينكم فإنه يظهر في الأرض الفساد. أي يقع بين الناس بسببه الخلاف).
وقوله تعالى: ﴿وَقَالَ مُوسَى إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾.
قال ابن جرير: (وقال موسى لفرعون وملئه: إني استجرت أيها القوم بربي وربكم من كل متكبر عليه تكبر عن توحيده والإقرار بألوهيته وطاعته، لا يؤمن بيوم يحاسب اللَّه فيه خلقه).
قال النسفي: (وقال: ﴿لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ﴾ لأنه إذا اجتمع في الرجل التكبر والتكذيب بالجزاء وقلة المبالاة بالعاقبة فقد استكمل أسباب القسوة والجراءة على اللَّه وعباده، ولم يترك عظيمة إلا ارتكبها).
وفي سنن أبي داود ومسند أحمد بسند صحيح عن أبي بردة بن عبد اللَّه، أن أباه حدثه، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا خاف قومًا قال: [اللهم إنا نَجْعَلُكَ في نحورهم، ونعوذُ بكَ من شرورهم] (١).
٢٩ - ٢٨. قوله تعالى: ﴿وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨) يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (٢٩)﴾.
في هذه الآيات: تحذيرُ مؤمن آل فرعون قومه مغبة إقدامهم على قتل رجل يقول ربي اللَّه ويدلهم على الإيمان به وسبيل النجاة والسعادة في الدارين، وتنبيهه لهم أن هذا التمكين في الأرض قد لا يدوم وقد يأتي عذاب اللَّه فلا يرد عن القوم المسرفين.