وقد ورد أمر تشقق السماء في القرآن في مواضع مختلفة:
١ - قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ وَنُزِّلَ الْمَلَائِكَةُ تَنْزِيلًا﴾ [الفرقان: ٢٥].
٢ - وقال تعالى: ﴿وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾ [الحاقة: ١٦].
٣ - وقال تعالى: ﴿إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (١) وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ﴾ [الانشقاق: ١ - ٢].
وأما ﴿كَالدِّهَانِ﴾ فهو الدّهن، والمقصود: تصير السماء في صفاء الدهن.
وقيل: المعنى تصير في حمرة الورد وجريان الدهن، أي تذوب مع الانشقاق حتى تصير حمراء من حرارة نار جهنم، وتصير مثل الدُّهن لرقتها وذوبانها. ذكره القرطبي.
قال الحافظ ابن كثير: (﴿فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ﴾، أي: تذُوب كما يذوب الدّرْدي والفضة في السَّبْكِ، وتتلوّنُ كما تتلوَّنُ الأصباغ التي يُدهَنُ بها، فتارةً حمراء وصفراءَ وزرقاءَ وخضراءَ، وذلك من شدة الأمر وهَوْلِ يوم القيامة العظيم).
وقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. أي: فبأي قدرة ربكما معشر الثقلين على ما وصف لكم تكذبان؟ !
وقوله تعالى: ﴿فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ﴾ فيه أكثر من تأويل:
١ - قال مجاهد: (لا يسأل الملائكة عن المجرم، يعرفون بسيماهم).
٢ - قال الحسن: (لا يسألون عن ذنوبهم، لأن اللَّه حفظها عليهم، وكتبتها عليهم الملائكة).
٣ - قال أبو العالية: (لا يسأل غير المجرم عن ذنب المجرم).
٤ - قال قتادة: (كانت المسألة قبل، ثم ختم على أفواه القوم وتكلمت الجوارح شاهدة عليهم).
قلت: ووجه الجمع بين هذه الأقوال في مفهوم هذه الآية، وبين الآيات الدالة على صريح المساءلة يوم القيامة، نحو قوله تعالى: ﴿وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ﴾ [الصافات: ٢٤]. وقوله: ﴿فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٩٢) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الحجر: ٩٢ - ٩٣] أنّ يوم القيامة يوم طويل وفيه مواطن كثيرة، فيسألون في موطن، ولا يسألون في آخر.
فتُحمل الآية هنا على الموطن الذي لا يؤذن لهم فيه بالاعتذار لوضوح جرائمهم وشهادة جوارحهم عليهم، كما قال تعالى: {هَذَا يَوْمُ لَا يَنْطِقُونَ (٣٥) وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ