أخرج البخاري ومسلم عن أبي سعيد، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنَّ في الجنة لشجرة يسير الراكبُ الجوادَ أو المضمَّرَ السريعَ مئةَ عام ما يقطعها] (١).
وفي مسند أحمد وصحيح ابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [طوبى شجرةٌ في الجنة، مسيرة مئة عام، ثيابُ أهل الجنة تخرُجُ من أكمامها] (٢).
ويشهد له ما رواه ابن جرير عن فرات بن أبي الفرات عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [﴿طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ شجرة غرسها اللَّه بيده، ونفخ فيها من روحه بالحلي والحلل، وإن أغصانها لتُرى من وراء سور الجنة] (٣).
وقوله: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. أي: فبأي نعم اللَّه -معشر الثقلين- من إعداده هذا النعيم لأهل طاعته تكذبان؟ !
وقوله تعالى: ﴿فِيهِمَا عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ﴾. أي: وفي هاتين الجنتين عينا ماء تسرحان خلالهما لسقي تلك الأشجار، وإخراج تلك الألوان من الثمار. ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾!
وقوله تعالى: ﴿فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ﴾. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: فيهما من كل نوع من الفاكهة ضربان، فبأي آلاء ربكما التي أنعم على أهل طاعته من ذلك تكذبان).
وقوله: ﴿مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾. أي: ويضطجع أهل الجنة في جلوسهم على فرش بطائنها من غليظ الديباج. قال عكرمة: (﴿مِنْ إِسْتَبْرَقٍ﴾ قال: الديباج الغليظ). وقال أبو عِمران الجوني: (هو الديباج المَعْمول بالذهب، فَنَبَّهَ على شرف الظِّهارة بشرف البِطانة). وقال أبو إسحاق، عن هُبيرة بن يَرِيم، عن عبد اللَّه بن مسعود قال: (هذه البطائن فكيف لو رأيتم الظّواهر؟ ).
قال ابن كثير: (وهذا من التنبيه بالأدنى على الأعلى).
وقوله: ﴿وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ﴾. قال ابن عباس: (يقول: ثمارها دانية).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ٧١)، وابن حبان (٢٦٢٥)، وابن جرير في "التفسير" (١٣/ ١٠١)، وله شواهد. انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٩٨٥).
(٣) أخرجه ابن جرير - سورة الرعد، آية (٢٩). وفرات هذا قال ابن أبي حاتم (٣/ ٢/ ٨٠) عن أبيه: "صدوق لا بأس به".