وقال قتادة: (لا يردّ أيديهم عنه بعد ولا شوك).
والمقصود: أن ثمر الجنة قريب من أهلها يتناولونه متى شاؤوا وهم قعود على فرشهم، لا يفصلهم عنه ارتفاع أو شوك، ولا يحتاجون في تحصيله إلى تسلّق الشجر، بل تنحطّ الأغصان بحمولتها من الثمار أمام متناول أيديهم.
وقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. أي: فبأي نعم ربكما -معشر الجن والإنس- من هذه النعم الجليلة التي وصفها لكم مما أعدّه لأهله طاعته تكذبان؟ !
وقوله تعالى: ﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾.
أي: في هذه الفرش التي بطائنها من استبرق نساء غضيضات عن غير أزواجهن، قد قصر طرفُهن عن الرجال، فلا ينظرن إلا إلى أزواجهن ولا يرين شيئًا في الجنة أحسن منهم، لم يطأهن أحدٌ قبل أزواجهن من الإنس والجن، بل هم أبكار عُرُبٌ أتراب.
وعن قتادة: (﴿فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ﴾ الآية، يقول: قُصِر طرفهن على أزواجهن، فلا يردن غيرهم). وعن ابن عباس: (﴿لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ﴾ يقول: لم يُدْمهنّ إنس ولا جان). وقال مجاهد: (لم يمسّهن).
والآية دليل آخر صريح على دخول مؤمني الجن الجنة. قال أرطأةُ بن المنذر: (سُئِلَ ضمرةُ بن حَبيب: هل يدخل الجنُّ الجنّة؟ قال: نعم، ويَنْكِحون، للجن جنِّيات، وللإنس إنسيّات).
وقوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾. أي: فبأي نعم اللَّه عليكما -معشر الجن والإنس- مما وصف لكم تكذبان!.
وقوله تعالى: ﴿كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ﴾. قال السدي: (صفاء الياقوت وحسن المرجان). وقال قتادة: (شبّه بهن صفاء الياقوت في بياض المرجان).
وقال ابن زيد: (كأنهن الياقوت في الصفاء، والمرجان في البياض. الصفاء: صفاء الياقوتة، والبياض: بياض اللؤلؤ).
والآية: نَعْتٌ من اللَّه سبحانه لنساء أهل الجنة للخطّاب من أهل الإيمان ليتقدموا لخطبتهن، فالمهر تقوى اللَّه وتعظيم أمره وحق الخوف منه.
وقد حفلت السنة الصحيحة بذكر بعض الصفات البديعة لتلك النسوة في الجنة، في أحاديث: