روى الحسن بن عرفة عن ابن مسعود مرفوعًا: (إنك لتنظر إلى الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويًا) (١).
قال ابن القيم رحمه اللَّه: (تضمنت النصوص أن لهم فيها الخبز واللحم والفاكهة والحلوى وأنواع الأشربة من الماء واللبن والخمر، وليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، وأما المسميات فبينها من التفاوت ما لا يعلمه البشر).
وقوله تعالى: ﴿وَحُورٌ عِينٌ﴾. قرئ بالرفع والنصب والجر. أما الجر فقد قرأه حمزة والكسائي، وهو عندئذ معطوف على ﴿بِأَكْوَابٍ﴾. والمقصود: يتنعمون بأكواب وفاكهة ولحم وحور. أو يكون معطوفًا على ﴿جَنَّاتِ﴾، أي هم في جنات النعيم وفي حور. كأنه قال: وفي معاشرة حور - على تقدير حذف المضاف.
وقرأ الأشهب العقيلي والنخعي بالنصب، والتقدير: ويزوّجون حورًا عينًا.
والجمهور على الرفع، أي: وعندهم حور عين، وهو الأرجح، لأنه لا يُطاف عليهم بالحور.
والحور: جمع حَوْراء، وهي النقية بياض العين، الشديدة سوادها. والعين: جمع عيناء، وهي النجلاء العين في حُسْن.
وقوله تعالى: ﴿كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ﴾. أي: هنّ في صفاء بياضهن وروعة حسنهن، كاللؤلؤ المصون المحفوظ.
وقوله تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ أي: ثوابًا لهم من اللَّه تعالى على أعمالهم التي كانوا عليها في الدنيا، وعوضًا من صبرهم على الطاعة والبر.
وقوله تعالى: ﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا﴾. قال ابن عباس: (باطلًا ولا كذبًا).
وقال مجاهد: (شتمًا ومأثمًا). واللغو من الكلام هو العبث الخالي من المعنى، والتأثيم مصدر أثَّمْتَه، أي قلمت له أثمت. قال محمد بن كعب: (﴿تَأْثِيمًا﴾ أي لا يؤثِّمُ بعضُهم بعضًا). والخلاصة: لا يكون فيها العبث من الكلام ولا الفاحش ولا ما يحمل القبح والإثم.
وقوله تعالى: ﴿إِلَّا قِيلًا سَلَامًا﴾. قال ابن عباس: (أي يحيِّي بعضهم بعضًا). وقيل: تحييهم الملائكة أو يحييهم ربهم عز وجل. ونصب ﴿قِيلًا﴾ بـ ﴿يَسْمَعُونَ﴾ أو هو