استثناء منقطع، والتقدير: لكن يقولون قيلًا أو يسمعون. و ﴿سَلَامًا سَلَامًا﴾ منصوبان بالقول، أي: إلا أنهم يقولون الخير. أو على المصدر، أي: إلا أن يقول بعضهم لبض سلامًا. أو يكون وصفًا لـ ﴿قِيلًا﴾، والسلام الثاني بدل من الأول، والمعنى: إلا قيلًا يسلم فيه من اللغو - حكاه القرطبي.
قال ابن كثير: (﴿لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا (٢٥) إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا﴾، أي: لا يسمعون في الجنة كلامًا لاغيًا، أي: غَثًّا خاليًا من المعنى، أو مشتملًا على معنى حقير أو ضعيف، كما قال: ﴿لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً﴾ [الغاشية: ١١]، أي: كلمة لاغية ﴿وَلَا تَأْثِيمًا﴾، أي: ولا كلامًا فيه قُبح، ﴿إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا﴾، أي: إلا التسليم منهم بعضهم على بعض، كما قال تعالى: ﴿وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ﴾ [يونس: ١٠] وكلامهم أيضًا سالمٌ من اللَّغو والإثم).
٢٧ - ٤٠. قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧) فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨) وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ (٢٩) وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ (٣١) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (٣٣) وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ (٣٤) إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)﴾.
في هذه الآيات: العطفُ على ذكر السابقين المقربين، بذكر الأبرار أصحاب اليمين، فهم ينعمون بالثمار والظلال والفاكهة والحور العين، وهم جماعة من الأولين وجماعة من الآخرين.
فقوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ﴾. أي: فما حال أصحاب اليمين؟ وكيف سيكون مآلهم؟ قال القرطبي: (والتكرير لتعظيم شأن النعيم الذي هم فيه).
قلت: وأصحاب اليمين هم من أُخِذَ نحو اليمين، وأعطي كتابه بيمينه يوم الحشر في أرض المحشر.
وقوله تعالى: ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ﴾. أي في ثمر سدر موقّر حملًا لا شوك فيه. فإن السّدر -عادة- شجر له شوك، وإنما قد خضد اللَّه تعالى شوكه في الجنة فجعل مكان كل شوكة ثمرة.
وقوله تعالى: ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ﴾. الطلح شجر عظام بأرض الحجاز، واحدته