طلحة، ومنضود: أي: متراكم الثمر. قال ابن عباس: (يشبه طلح الدنيا ولكن له ثمر أحلى من العسل).
وقيل: ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ﴾ هو الموز بعضه على بعض، كما ذكر ابن عباس أيضًا. وكذلك في عُرف أهل اليمن، فإنهم يسمون الموز الطلح.
وقوله تعالى: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾. أي: وظل دائم لا تنسخه الشمس فتذهبه.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [إن في الجنة لشجرةً يسير الراكب الجوادَ المضمَّرَ السريع في ظلها مئة عام ما يقطعها] (١). زاد ابن جرير في رواية عنده: (اقرؤوا إن شئتم: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾).
وفي جامع الترمذي بسند حسن عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [يقول اللَّه: أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطرَ على قلب بشر، فاقرؤوا إن شئتم: ﴿فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: ١٧]. وفي الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها، واقرؤوا إن شئتم: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾. وموضِعُ سَوْطٍ في الجنة خيرٌ من الدنيا وما فيها، واقرؤوا إن شئتم: ﴿فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: ١٨٥]] (٢).
وفيه بإسناد صحيح عن أنس أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [إنّ في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مئة عام لا يقطعها، واقرؤوا إن شئتم: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠) وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ﴾] (٣).
وقوله تعالى: ﴿وَمَاءٍ مَسْكُوبٍ﴾. أي جارٍ لا ينقطع. قال الثوري: (يعني يجري في غير أخدود). وأصل السّكب الصبّ. قال القرطبي: (أي وماء مصبوب يجري الليل والنهار في غير أخدود لا ينقطع عنهم. وكانت العرب أصحاب بادية وبلادٍ حارة، وكانت الأنهار في بلادهم عزيزة لا يصلون إلى الماء إلا بالدَّلو والرِّشاء فوعدوا في الجنة خلاف ذلك، ووصف لهم أسباب النزهة المعروفة في الدنيا، وهي الأشجار وظلالها، والمياه والأنهار واطّرادها).
(٢) حديث حسن. انظر صحيح سنن الترمذي (٢٦٢٥)، في أبواب التفسير، سورة الواقعة.
(٣) حديث صحيح. انظر صحيح الترمذي (٢٦٢٦)، وصحيح البخاري (٤٨٨١)، وقد مضى نحوه.