وقوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾. أي: وهم في فاكهة وفيرة متنوعة الألوان والمذاق، ليست بالقليلة العزيزة كما كانت في بلادهم، بل هي مستمرة عبر فصول السنة المختلفة، لا انقطاع لها في وقت من الأوقات كانقطاع فواكه الصيف فى الشتاء، ولا يمنع مانع من شوك أو حائط أو بعد من تناولها، بل كما قال تعالى: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ [الحاقة: ٢٣]، وكما قال جل ذكره: ﴿وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا﴾ [الإنسان: ١٤].
وعن قتادة: (﴿لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ﴾ قال: لا يمنعهم من تناولها عودٌ ولا شوكٌ ولا بُعْد).
وفي الصحيحين عن عبد اللَّه بن عباس قال: [خَسَفَت الشمس على عَهْد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فَصَلّى فقالوا: يا رسول اللَّه، رأيناك تناوَلُ شيئًا في مَقامِكَ ثم رَأَيْناكَ تَكَعْكَعْتَ، فقال: إني أُرِيتُ الجنةَ فتناولتُ منها عُنقودًا ولو أَخَذْتُه لأكلتمْ منه ما بقيت الدنيا] (١).
وقوله تعالى: ﴿وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾. أي: عالية وطيئة ناعمة. قال النسفي: (﴿وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ﴾ رفيعة القدر، أو نضدت حتى ارتفعت، أو مرفوعة على الأسرة).
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا﴾. وصف لما أعدّ اللَّه لهم من الأبكار وأجمل النساء. قال سعيد بن جبير يحدّث عن ابن عباس: (هن من بني آدم، نساءكن في الدنيا، ينشئهن اللَّه أبكارًا عذارى عربًا).
و﴿عُرُبًا﴾: جمع عَرُوب، وهي المرأةُ المُتَحبِّبَةُ المتودِّدَةُ إلى زوجها. وكانت العرب تقول للمرأة إذا كانت حسنةَ التَبَعُّل: إنها لَعَرِبَة. وقوله: ﴿أَتْرَابًا﴾ أي: على ميلاد واحد، وهو جمع "تِرْب" وهو ما كان من سِنٍّ واحدة. قال سعيد بن جبير: (العُرُب اللاتي يشتهين أزواجهنَّ). وقال ابن عباس: (العُرُب العواشق لأزواجهن، وأزواجهن لهن عاشقون).
قال الحافظ ابن كثير: (﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (٣٥) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (٣٦) عُرُبًا أَتْرَابًا (٣٧) لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ﴾، جرى الضميرُ على غير مذكورٍ، لكن لما دلَّ السياقُ، وهو ذِكرُ الفُرُشِ على النساء اللاتي يُضَاجَعْنَ فيها، اكتفى بذلك عن ذكرهنَّ، وعاد الضميرُ عليهنّ).