والمقصود: لأصحاب اليمين ثُلَّتان - القول الأول: ثلة من الأولين من الأمم الماضية، وثلة من الآخرين من هذه الأمة.
والقول الثاني: كلا الثلتين من أمة محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-. قال القاسمي: (أي جماعة وأمة من المتقدمين في الإيمان، وممن جاء بعدهم من التابعين لهم بإحسان من هذه الأمة. والكثرة ظاهرة لوفرة أصحاب اليمين في أواخرهم دون السابقين). واللَّه تعالى أعلم.
٤١ - ٥٦. قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦)﴾.
في هذه الآيات: استكمال للمشهد يوم القيامة بذكر الفريق الثالث -فريق الشقاء- بعد ذكر الفريقين -السابقين وأصحاب اليمين- في السعداء. فهؤلاء أهل الشقوة في طعام الزقوم، وشراب الحميم، وعذاب الجحيم، والخذلان والحرمان من النعيم.
فقوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾. أي: فأيّ شيء هم أصحاب الشمال، وكيف ستكون أحوالهم في الدار الآخرة. قال قتادة: (أي ماذا لهم، وماذا أعدّ لهم).
وقوله تعالى: ﴿فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ﴾. تفسير ونعت لصفاتهم في ذلك اليوم.
والسموم: الهواء الحار، والحميم: الماء الساخن المغلي. قال القرطبي: (والسموم الريح الحارة التي تدخل في مسام البدن. والمراد هنا حرّ النار ولفحها. ﴿وَحَمِيمٍ﴾ أي ماء حارٌّ قد انتهى حرّه، إذا أحرقت النار أكبادهم وأجسادهم فزعوا إلى الحميم، كالذي يفزع من النار إلى الماء ليطفئ به الحر، فيجده حميمًا حارًا في نهاية الحرارة والغليان).
وقوله تعالى: ﴿وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ﴾. قال ابن عباس: (هو ظل الدخان).