يصيبها. قاله ابن عباس. وقال عكرمة: (هي الإبل المِراض). وقال الضحاك: (الهيم الإبل يصيبها داء تعطش منه عطشًا شديدًا). وواحدها أَهْيَم والأثنى هَيْماء، ويقال لذلك الداء الهُيَام. وروي أيضًا عن ابن عباس: (فيشربون شرب الرمال التي لا ترْوى بالماء). قال المهدوي: (ويقال لكل ما لا يروى من الإبل والرمل أهيم وهيماء). قال النسفي: (والمعنى أنه يسلط عليهم من الجوع ما يضطرهم إلى أكل الزقوم الذي هو كالمهل، فإذا ملؤوا منه البطون سلط عليهم من العطش ما يضطرهم إلى شرب الحميم الذي يقطع أمعاءهم، فيشربونه شرب الهيم، وإنما صح عطف الشاربين على الشاربين وهما لذوات متفقة، وصفتان متفقتان، لأن كونهم شاربين للحميم على ما هو عليه من تناهي الحرارة وقطع الأمعاء أمر عجيب، وشربهم له على ذلك كما يشرب الهيم الماء أمر عجيب أيضًا، فكانتا صفتين مختلفتين).
وقوله تعالى: ﴿هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ﴾. تهكّم بهم. أي: هذا الموصوف هو رزقهم الذي يُعَدّ لهم، وهو ضيافتهم عند نزولهم عند ربهم في ذلك اليوم، قال القاسمي: (وفيه مبالغة بديعة، لأن النزل ما يعدّ للقادم عاجلًا إذا نزل، ثم يؤتى بعده بما هو المقصود من أنواع الكرامة، فلما جعل هذا، مع أنه أمر مهول، كالنزل، دلّ على أن بعده ما لا يطيق البيان شرحه. وجعله نزلًا، مع أنه ما يكرم به النازل، متهكمًا، كما في قوله:

وكنا إذا الجبارُ بالجيش ضافَنا جعلنا القنا والمُرْهقاتِ له نُزْلًا).
٥٧ - ٧٤. قوله تعالى: {نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلَا تُصَدِّقُونَ (٥٧) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (٥٨) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ (٥٩) نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٦٠) عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١) وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلَا تَذَكَّرُونَ (٦٢) أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ (٦٣) أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤) لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ (٦٥) إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ (٦٧) أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ (٦٩) لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ (٧٠) أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ (٧١) أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ (٧٢) نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً


الصفحة التالية
Icon