يهلكهم إذا شاء ليتعظوا فينزجروا - حكاه القرطبي.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٦٦) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾. أي: لو جعلناه حُطامًا لظَلْتمُ تفكَّهونَ في المقالة، تُنَوِّعُون كلامَكُم، فتقولون تارةً: ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾. أي مُلْقَون للشر معذبون لا يثبت لنا مال. ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُون﴾ أي محدودون -لا حَظَّ لنا-.
فعن عكرمة: (﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ قال: إنا لمولَع بنا). وقال قتادة: (﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾: أي معذّبون). وقال مجاهد: (مُلْقون للشر). واختار ابن جرير أن معناه: إنا لمعذّبون، لأن الغرام عند العرب العذاب.
وعن مجاهد: (﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ قال: حُورِفنا فحرمنا). والمحروم الممنوع من الرزق، أو هو ضد المرزوق -وهو المحارِف-. قال ابن جرير: (وقوله: ﴿بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ﴾ يعني بذلك تعالى ذكره أنهم يقولون: ما هلك زرعنا وأصبنا به من أجل ﴿إِنَّا لَمُغْرَمُونَ﴾ ولكنا قوم محرومون، يقول: إنهم غير مجدودين، ليس لهم جَدّ (١)).
وقوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ (٦٨) أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ﴾.
قال ابن عباس: (المزن: السماء والسحاب). وقال ابن زيد: (المزن: السحاب اسمها).
والمعنى: أفرأيتم أيها الغافلون هذا الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من السحاب فوقكم إلى قرار الأرض، أم نحن منزلوه لكم.
وقوله تعالى: ﴿لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا فَلَوْلَا تَشْكُرُونَ﴾. الأجاج من الماء: هو ما اشتدت ملوحته.
والمقصود: لو شئنا جعلنا ذلك الماء النازل لكم من المزن ملحًا فلم تنتفعوا منه بشراب ولا غرس ولا زرع، فهلّا شكرتم ربكم أن أنزله لكم عَذْبًا تشربون وتنتفعون.
وقوله تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾. أي: أخبروني عن النار التي تظهرونها بالقدح من الزناد، فتستخرجونها من أصلها. قال النسفي: (والعرب تقدح بعودين تحك أحدهما على الآخر، ويسمون الأعلى الزند والأسفل الزندة، شبهوهما بالفحل والطروقة).
وقوله تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ﴾. أي: أأنتم خلقتم شجرتها أم نحن الخالقون لها ابتداء. قال ابن كثير: (أي: بل نحن الذين جعلناها مُودَعًة في