بسحر ولا كهانة، وليس بمفترى، بل هو قرآن كريم محمود، جعله اللَّه تعالى معجزة لنبيّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو كريم على المؤمنين، لأنه كلام ربهم، وشفاء صدورهم، كريم على أهل السماء، لأنه تنزيل ربّهم وَوَحيْه. وقيل: ﴿كَرِيمٌ﴾ أي غير مخلوق. وقيل: ﴿كَرِيمٌ﴾ لما فيه من كريم الأخلاق ومعاني الأمور. وقيل: لأنه يُكَرّم حافظه، ويُعظّم قارئه).
وقوله تعالى: ﴿فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ﴾. أي مصون عند اللَّه محفوظ من الباطل.
قال ابن عباس: (الكتاب الذي فى السماء). وقال جابر بن زيد وابن عباس أيضًا: (هو اللوح المحفوظ).
وقوله تعالى: ﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾. قال ابن عباس: (الكتاب الذي في السماء).
والمقصود: أن القرآن الذي في اللوح المحفوظ لا يمسّه إلا الملائكة المقربون، ولا سبيل إلى أن يتناوله الشياطين. قال ابن زيد: (زعموا أن الشياطين تنزّلت به على محمد، فأخبرهم اللَّه أنها لا تقدر على ذلك، ولا تستطيعه، وما ينبغي لهم أن ينزلوا بهذا، وهو محجوب عنهم، وقرأ قول اللَّه: ﴿وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ (٢١١) إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ﴾ [الشعراء: ٢١١ - ٢١٢]).
فالحديث عن القرآن الكريم الذي في الكتاب المكنون أي اللوح المحفوظ - عند اللَّه تعالى.
وهذه طائفة من أقوال المفسرين في ذلك:
١ - عن ابن عباس قال: (إذا أراد اللَّه أن ينزل كتابًا نسخته السفرة، فلا يمسه إلا المطهرون، قال: يعني الملائكة).
٢ - عن سعيد بن جبير: (﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ قال: الملائكة الذين في السماء).
٣ - عن أبي العالية: (﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ قال: ليس أنتم، أنتم أصحاب الذنوب).
٤ - عن قتادة: (﴿لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ﴾ ذاكم عند ربّ العالمين، فأما عندكم فيمسه المشرك النجس، والمنافق الرَّجِس).