لَيَسيلان، وهو يقولُ: يا قوم: ﴿أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ حتى فرغ من الآية كلها] (١).
والمقصود بالآية: كيف تقتلون رجلًا لكونه يقول: ﴿رَبِّيَ اللَّهُ﴾، وقد أقام لكم الحجج والبراهين على صدق ما معه من الحق!
وقوله: ﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾. أي: وإن يك موسى كاذبًا بقيله ونبوته فإنما وبال ذلك عليه فلا حاجة لكم بقتله، وإن يك صادقًا وقد آذيتموه يصبكم بعض الذي يهددكم به من العذاب في الدنيا والآخرة.
قال القرطبي: (﴿وَإِنْ يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ﴾: ولم يكن ذلك لشك منه في رسالته وصدقه، ولكن تلطفًا فى الاستكفاف واستنزالًا عن الأذى. ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ أي: إن لم يصبكم إلا بعض الذي يعدكم به هلكتم).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ﴾. قال قتادة: (مشرك أسرف على نفسه بالشرك). وقال السدي: (المسرف: هو صاحب الدم. ويقال: هم المشركون). والمعنى كما قال ابن جرير: (إن اللَّه لا يوفق للحق من هو متعَدّ إلى فعل ما ليس له فعله، كذّاب عليه يكذب، ويقول عليه الباطل وغير الحق).
وقوله: ﴿يَاقَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا﴾.
قال ابن كثير: (أي: قد أنعم اللَّه عليكم بهذا المُلك والظهور في الأرض بالكلمة النافذة والجاه العريض، فراعُوا هذه النعمة بشكر اللَّه، وتصديق رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-، واحذروا نقمة اللَّه إن كذّبتم رسوله. ﴿فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جَاءَنَا﴾، أي: لا تغني عكم هذه الجنود وهذه العساكرُ، ولا تَرُدُّ عنا شيئًا من بأسِ اللَّه إن أرادنا بسوء).
وقوله: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾.
فيه منهاج كل طاغية على مر الزمان، ابتداء من فرعون الذي كان أعتى الأنام. أراد فرعون أن يقول: ما أشير عليكم إلا بقتل موسى، وما أهديكم بهذا الرأي إلا طريق الصلاح والصواب. قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (ما أشير عليكم إلا ما أرى لنفسي ﴿وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ﴾ في تكذيب موسى والإيمان بي).