الأمم، ومن خَلْفي مِثْلُ ذلك، وعن يميني مِثلُ ذلك، وعن شِمالي مِثلُ ذلك". فقال: رجل: كيف تَعرف أمتَك يا رسول اللَّه من بين الأمم، فيما بين نوحٍ إلى أمّتك؟ قال: هم غُرٌّ مُحَجَّلون، مِنْ أثَرِ الوُضوء، ليس لأحد ذلك غيرهم، وأعرفُهم أنهم يؤتون كُتبهم بأيمانهم، وأعرفهم تسعى بين أيديهم ذُرِّيَتُهم] (١).
وفي رواية عند ابن أبي حاتم والحاكم: [أعرِفهم، مُحَجَّلُون من أثر الوضوء، ولا يكونُ لأحد من الأمم غيرهم، وأعرفهم يُؤتون كُتُبهم بأيمانهم، وأعرفُهم بسيماهم في وجُوههم، وأعرِفُهم بنُورهم يسعى بين أيديهم وذرِّيتهم].
وفي رواية عند ابن المبارك ويحيى بن إسحاق: [وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم].
وقوله: ﴿وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾. قال الضحاك: (أي: وبأيمانهم كتبهم، يقول اللَّه: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ﴾، وأما نورهم فهداهم). وقال الفراء: (الباء بمعنى "في"، أي: في أيمانهم. أو بمعنى "عن" أي: عن أيمانهم). قال مقاتل: (ليكون دليلًا لهم إلى الجنة).
قال النسفي: (﴿يَسْعَى﴾ يمضي ﴿نُورُهُمْ﴾ نور التوحيد والطاعات، وإنما قال: ﴿بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ﴾ لأن السعداء يؤتون صحائف أعمالهم من هاتين الجهتين، كما أن الأشقياء يؤتونها من شمائلهم ووراء ظهورهم، فيجعل النور في الجهتين شعارًا لهم وآية، لأنهم هم الذين بحسناتهم سعدوا، وبصحائفهم البيض أفلحوا، فإذا ذهب بهم إلى الجنة ومروا على الصراط يسعون، سعى بسعيهم ذلك النور).
يروي الحاكم والبيهقي بسنده عن مسروق عن عبد اللَّه قال: (يجمع اللَّه الناس يوم القيامة، إلى أن قال: فَيُعْطَوْن نورهم على قدر أعمالهم، وقال: فمنهم من يعطى نورَه مثل الجبل بين يديه، ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك، ومنهم من يُعْطى نوره مثلَ النخلة بيمينه، ومنهم من يعطى دون ذلك بيمينه حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ مرة، إذا أضاء قدَّم قدمه، وإذا طفئ قام. قال: فيمر ويمرون على الصراط، والصراط كحد السيف، دَحْضٌ، مزَلة، فيقال لهم: امضوا