فقوله: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾. قال ابن عباس: (تطيع قلوبهم).
قال ابن كثير: (يقول تعالى: أما آنَ للمؤمنين أن تخشع قلوبُهم لذكر اللَّه، أي: تلينُ عند الذِّكر والموعظة وسَمَاع القرآن، فتفهَمُه وتنقادُ له وتسمعُ له وتُطيعُه).
يروي ابن أبي حاتم بسنده عن عبد اللَّه بن المبارك قال: حدثنا صالح المرّي، عن قتادة، عن ابن عباس أنه قال: (إن اللَّه استبطأ قُلوب المهاجرين فعاتبَهُم على رأس ثلاثَ عشرةَ من نزول القرآن، فقال: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ الآية).
وفي صحيح مسلم عن عونِ بن عبد اللَّه، عن أبيه، أنَّ ابن مسعود رضي اللَّه عنه قال: [ما كان بَيْنَ إسْلامنا وبَيْن أنْ عاتَبَنا اللَّه بهذه الآية: ﴿أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ﴾ إلا أرْبَعُ سِنينَ] (١).
ورواه ابن ماجة عن أبي حازم، أن عامر بن عبد اللَّه بن الزبير أخبره، أنّ أباه أخبره: [أنَّهُ لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية، يعاتبهم اللَّه بها إلا أربع سنين ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ﴾] (٢).
وفي معجم الطبراني بسند صحيح عن أبي الدرداء، عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [أولُ شيء يُرفَعُ منْ هذه الأمة الخشوع، حتى لا ترى فيها خاشعًا] (٣).
وقوله: ﴿وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ﴾. قال ابن جرير: (هو هذا القرآن الذي نزله على رسوله -صلى اللَّه عليه وسلم-).
وقوله: ﴿وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ﴾.
قال مجاهد: (الأمد: الدهر). قال ابن مسعود: (إنّ بني إسرائيل لما طال عليهم

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٣٠٢٧) - كتاب التفسير، عند هذه الآية [الحديد: ١٦].
(٢) حديث حسن. أخرجه ابن ماجة (٤١٩٢) - كتاب الزهد. انظر صحيح سنن ابن ماجة (٣٣٨٠).
(٣) حديث صحيح. أخرجه الطبراني كما في "المجمع" (٢٨١٣)، وقال الهيثمي: إسناده حسن. وفي الباب عن عوف بن مالك، أخرجه أحمد (٦/ ٢٦ - ٢٧) ح (٢٣٤٧٠) بإسناد لا بأس به.


الصفحة التالية
Icon