قال أبو صالح (١): فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فقال: سمع إخوانُنا أهلُ الأموال بما فعلنا، ففعلوا مثله. فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: ذلك فضل اللَّه يؤتيه من يشاء] (٢).
وفي الصحيحين، وسنن ابن ماجة -واللفظ له- عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: [قاربوا وسَدِّدوا. فإنه ليس أحدٌ منكم بِمُنْجيهِ عَمَلهُ. قالوا: ولا أنت؟ يا رسول اللَّه! قال: ولا أنا. إلا أن يتغمَّدَني اللَّه برحمةٍ منه وفضل] (٣).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾. قال ابن جرير: (وهو ذو الفضل العظيم عليهم، بما بسط لهم من الرزق في الدنيا، ووهب لهم من النِّعم وعرَّفهم موضع الشكر، ثم جزاهم في الآخرة على الطاعة ما وصف أنه أعَدَّه لهم).
٢٢ - ٢٤. قوله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٢٢) لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (٢٣) الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٤)﴾.
في هذه الآيات: تقديرُ اللَّه تعالى المصائب والآلام، وكل شيء قد قَدَّره سبحانه قبل خلق الأنام، لكيلا تأسوا على ما فاتكم عبر الأيام، وأهل البخل والإعراض مآلهم إلى الخزي والخسران.
فقوله: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾.
قال ابن عباس: (هو شيء قد فرغ منه من قبل أن نبرأ النفس). وعن قتادة: (﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ﴾ أما مصيبة الأرض: فالسنون. وأما في أنفسكم: فهذه الأمراض والأوصاب ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا﴾: من قبل أن نخلقها).

(١) هو راوي الحديث عن أبي هريرة، واسمه ذكوان السمان، ثقة ثبت، توفي سنة (١٠١).
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم في الصحيح -حديث رقم- (٥٩٥) - كتاب المساجد، باب استحباب الذكر بعد الصلاة، وبيان صفته.
(٣) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٤/ ٤٨)، ومسلم (٨/ ١٤٠)، وسنن ابن ماجة (٤٢٠١).


الصفحة التالية
Icon