وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُون} ويبقى كل منافق فلا يستطيع أن يسجد، ثم يقودهم إلى الجنة] (١).
الحديث الثالث: يروي عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" بسند صحيح عن ابن مسعود، أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: [يجمع اللَّه الأولين والآخرين لميقات يوم معلوم أربعين سنة، شاخصة أبصارهم إلى السماء ينتظرون فصل القضاء، وينزل اللَّه في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي، ثم ينادي مناد: أيها الناس ألم ترضوا من ربكم الذي خلقكم ورزقكم وأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئًا أن يولي كل ناس ما كان يتولى ويعبد في الدنيا؟ أليس ذلك عدلًا من ربكم؟ قالوا: بلى...] (٢).
وقوله: ﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾. أي: يوم تحاولون الفرار من عذاب جهنم وقد أيقنتم بدخولها لكن لا سبيل ولا مفر.
قال مجاهد: (﴿يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ﴾: فارين غير معجزين). وقال قتادة: (أي منطلقًا بكم إلى النار). وقال: (﴿مَا لَكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ﴾: أي من ناصر).
وقوله: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ﴾. قال ابن جرير: (-أي-: ومن يخذله اللَّه فلم يوفقه لرشده فما له من موفق يوفقه له).
وقوله: ﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾.
قال السدي: (﴿وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ﴾ قال: قبل موسى). قال ابن كثير: (يعني أهل مصر، قد بعث اللَّه فيهم رسولًا من قبل موسى، وهو يوسفُ -عليه السلام- كان عزيزَ أهل مصر، وكان رسولًا يدعو إلى اللَّه تعالى أمته القِبطَ، فما أطاعُوه تلك الطاعة إلا لمجرَّد الوزارة والجاه الدنيوي. ولهذا قال تعالى: ﴿فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾، أي: يشتم فقلتم طامعين: ﴿لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا﴾، وذلك لِكُفرهم وتكذيبهم).
(٢) أخرجه بتمامه عبد اللَّه بن أحمد في "السنة" ص (١٧٧). وانظر مختصر العلو (٦٩)، ص (١١٠). وهو حديث صحيح كما أفاد الذهبي وأقره الألباني.