ظلماتٌ يوم القيامة، واتقوا الشُّحَ، فإن الشّحَ أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم] (١).
وقوله: ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾. أي: ومن يعرض عن طاعة ربه وتعظيم أوامره فإن اللَّه هو الغني عن عباده، الحميد إلى جميع خلقه بوفير نعمه عليهم. قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره: ومن يدبر معرضًا عن عظة اللَّه، تاركًا العمل بما دعاه إليه من الإنفاق في سبيله، فرحًا بما أوتي مختالًا به فخورًا بخيلًا، فإن اللَّه هو الغني عن ماله ونفقته، وعن غيره من سائر خلقه، الحميد إلى خلقه بما أنعم به عليهم من نعمه).
٢٥. قوله تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)﴾.
في هذه الآية: إرسالُ اللَّه تعالى الرسل الكرام، بالبينات والكتب والميزان، واللَّه تعالى وعد بالنصر لأوليائه الصالحين الكرام.
فقوله: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾. أي: بالمعجزات الواضحات، والحجج القاطعات، والشرائع الظاهرة ذات الدلائل الباهرة.
وقوله: ﴿وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ﴾. أي: الكتب، فيها النقل الصدق والخبر الصحيح. قال النسفي: (﴿وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ﴾ أي: الوحي).
وقوله: ﴿وَالْمِيزَانَ﴾. قال قتادة: (الميزان: العدل). وقال ابن زيد: (﴿وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾ بالحق، قال: الميزانْ ما يعمل الناس، ويتعاطون عليه في الدنيا من معايشهم التي يأخذون ويعطون، يأخذون بميزان، ويعطون بميزان، يعرف ما يأخذ وما يعطي. قال: والكتاب فيه دين الناس الذي يعملون ويتركون، فالكتاب للآخرة، والميزان للدنيا).
فالميزان: أداة الضبط وآلة التمييز، وهو الحق الذي فطر اللَّه القلوب والعقول